إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
لقاءات في دور القوات المسلحة والحرس الوطني
22443 مشاهدة
طلب العلم وتيسر أسبابه ووسائله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، ومخافته، وبمراقبته، وأداء عبادته، ثم أوصيكم بالتفقه في الدين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من يُرِدِ الله به خيرا يفقهه في الدين الفقه هو: الفهم. والواجب على الإنسان إذا عَرَفَ بأنه مُكَلَّفٌ، وأنه مأمور ومَنْهِيٌّ، وأن عليه واجبات، أن يتفقه ويَتَعَلَّم؛ حتى يُؤَدِّيَ العبادات على ما أُمِرَ به، وحتى تقبل منه عباداته، وحتى لا يقع في آثام أو في محرمات؛ فإنَّ الله تعالى خلق الإنسان جاهلا، ولكنه مَكَّنَهُ من التعلم.
قال الله تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أَخْرَجَنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا، ولكنه مَكَّنَنَا بهذه الجوارح؛ فأولها: السمع الَّذِي هو نِعْمَةٌ عظيمة؛ إذا فَقَدَ الإنسان السمع فَقَدَ نصف حياته ؛ بحيث إنه لا يدري ما الناس فيه؟! يجلس مع الناس وكأنه ليس منهم، ولا يدري ما يخوضون فيه، فبالسمع يستمع النصائح، ويستمع الإرشادات والمواعظ والتذكرات، ويستمع العلوم، ويحصل له بهذا السمع فائدة كبيرة؛ فإذا استعمله في سماع القرآن، وفي سماع الذِّكْرِ، والخير، وفي سماع المواعظ، وفي سماع الأحاديث، وفي سماع النصائح، وفي سماع المعلومات استفاد، وإذا استعمله في سماع اللهو واللعب، وفي سماع الأشر والبطر، وفي سماع الغناء والزمر، وفي سماع الغيبة والنميمة، وفي سماع القيل والقال؛ فقد كفر هذه النعمة التي أنعم الله تعالى بها عليه.
النعمة الثانية: نعمة البصر، وما أعظمها من نعمة! فبها يتمكن من معرفة الطريق، وبها يتمكن من السير فيما يريد، وبها يتمكن من القراءة ومن الكتابة؛ فيستفيد بها، فإذا استعمل هذا البصر في القراءة العلمية، في قراءة الكتب المفيدة، وما أشبه ذلك، وفي كتابة الفوائد كان بذلك مستفيدا شاكرا لهذه النعمة، وإذا استعملها في النظر إلى الحرام، والنظر إلى الصور الفاتنة، والنظر إلى الأفلام الخليعة، والنظر إلى الشهوات الدنيوية التي تفتن مَنْ نَظَر فيها، أو النظر في كتب الضلال، وفي قراءتها أو كتابتها كان قد كفر هذه النعمة ولم يشكرها.
وكذلك أيضا: نعمة العقل، ويالها من نعمة! ذكرها الله تعالى في هذه الآية: وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ؛ الأفئدة هي: العقول، فالعقل هو ميزة الإنسان؛ إذا فقد العقل فقد قيمته، وأصبح أقل حالةً من البهائم التي سَخَّرَها الله للإنسان، والتي تُركب أو تُذبح وتؤكل، فالعقول هي مميزات الإنسان، فإذا استعمل هذا العقل في تفهم آيات الله وتدبرها، وفي التفكر فيما خُلِقَ له، وفي النظر والتَّعَقُّلِ في الآيات الكونية العلوية والسفلية، وكذلك في تَعَقُّلِ ما يسمعه من الفوائد، عرضها على قلبه، وأعمل فيها فكره، وأعمل فيها عقله استفاد من هذا العقل، واستفاد مما يسمعه؛ حيث يصل الكلام الذي يسمعه إلى عقله؛ فيفكر فيه، ويعرف مدلوله، ويعرف مقاصده؛ فيكون بذلك قد استفاد مما خصه الله تعالى به.