إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
العلم فضله وآدابه ووسائله
28166 مشاهدة print word pdf
line-top
حكم تعلم العلم

بعد ذلك نقول ما حكم تعلم هذا العلم ؟
الجواب: تعلمه منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب.
الواجبُ هو ما كان مكلفا به كل إنسان؛ فإن كل فرد من الأمة مطالب بالعمل، مطالب بالعبادات أن يتعبد بها، ولا شك أن التعبد على جهل لا يقبل؛ فلأجل ذلك فرض عليك أن تتعلم ما أنت مأمور بالعمل به، حتى لا تتخبط في الأعمال، فإن التخبط في العمل والعمل على جهل وسيلة وذريعة إلى رد العمل وعدم قبوله وعدم إجزائه.
فلا بد أن تتعلم، وأهم شيء تتعلمه هو علم الديانة، العلم الذي أنت مطالب به. تتعلم كيف طهارتك وكيف صلاتك وكيف عباداتك، والمراد بالعبادة التي أنت مخلوق لها، وما حرم الله عليك حتى تتجنبه، وما كلفك به حتى تطبقه، وما أنت مأمور بفعله حتى تعمله، وتتعلم الآداب وتتعلم الأحكام، وكلها -والحمد لله- مُيسَّرة ما بين مختصر وما بين مبسوط، وتعلُّمها سهل يسير، ولا شك أن من تعلم هذا له أجر كبير.
إذا تعلمها أثابه الله على تعلمه لما هو فرض ولما هو نفل، والأدلة على ذلك كثيرة.
مثل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة . ثواب عظيم؛ فالجنة هي أعلى مقاصد الإنسان في الآخرة، من دخل الجنة فقد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، وكيف يحصل عليها؟ هذا إذا سلك طريقا يتعلم فيه علما شرعيًّا.
وليس المراد بالطريق أن يسافر سفرا بعيدا يقطعه في أيام أو في أشهر، بل يعم ذلك كل من توجه إلى مكان يتعلم فيه ولو بضع دقائق بينه وبين مسكنه فإنه -والحال هذه- يعتبر قد حصل على علم وسلك طريقا، إذا توجهت من بيتك إلى حلقات علمية أو ندوات أو محاضرات أو حلقات تحفيظ قرآن وقصدك أن تتزود من هذا العلم، من القرآن أو من السنة أو من المسائل، الأحكام الدينية فأنت قد سلكت طريقا تلتمس فيه علما، وقد اشتمل هذا الحديث الذي هذا أوله على فضل طالب العلم.
ففي الحديث أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وورثوا العلم؛ فمن أخذه أخذ بحظ وافر .
يتكرر هذا الحديث على المسامع دائما، ولكن الهمم ضعيفة، يسمعه الكثير وما رأينا حوافز تدفع إلى تعلم العلم الصحيح.

line-bottom