العلم فضله وآدابه ووسائله
كيف يكون قصد العلم حسنا
وإذا قلتَ فما المقصد الصحيح؟ وكيف إذا تعلمتُ العلم يكون قصدي قصدًا حسنًا رأس> ؟.
الجواب: أولا: تنوي إزالة النقص؛ وذلك لأن الجهل نقص، فالله -تعالى- أخبر بأنه أخرجنا إلى الدنيا من بطون أمهاتنا جهلاء، قال -تعالى- رسم> وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قرآن> رسم> فإذا عرفت أن الإنسان ناقص في حالة جهله، ونويت أن تزيل هذا النقص لتحصل لك صفة كمال؛ فإن هذا مقصد حسن، فتقول: إني رأيت الجهلاء لا يعرفون وقدرهم ناقص عند الناس، فأنا أريد أن أسد هذا الفراغ، وأن أكمل ذلك النقص.
ثانيا: أن تنوي شرف العلم وشرف العلماء، إذا عرفت أن للعلم فضلا، وأن العلماء لهم شرف، ولهم ميزة، يرفعهم الله -تعالى- بهذا العلم، إن الله يرفع بهذا العلم أقواما ويضع به آخرين، يقول الله -تعالى- رسم> وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ قرآن> رسم> .
ويقول الشاعر:
العلـم يرفع بيتا لا عماد له | والجهل يهدم بيت العز والشرف |
فأنت تنوي أن يكون هذا العلم فضلا وشرفا يرفعك الله به.
ثالثا: أن تنوي العمل على بصيرة؛ لأنك مكلف، فإن الإنسان مِنَّا عليه أعمال وعليه واجبات وطاعات مأمور أن يتعبد بها، ومحرمات منهي عن فعلها، وكيف يؤديها وتكون مجزئة؟ لا بد من أن يتعلم؛ حتى يعمل على بصيرة، فمن توضأ وهو جاهل، لم يعمل بالوضوء الصحيح، ومن لم يتعلم نواقض الوضوء انتقض وضوؤه وهو لا يشعر، ومن لم يتعلم كيفية الصلاة وما يجب فيها ما قبلت منه صلاته، ومن لم يتعلم كيفية الحج وقع في أخطاء تفسده أو تبطله. فإذا نويت أن تتعلم حتى تعمل على بصيرة، ويجزئك العمل، ويصير مقبولا؛ فهذه نية صالحة يثيبك الله -تعالى- على ذلك ويوفقك.
رابعا: إذا نويت حمل هذا العلم الذي هو علم الكتاب والسنة؛ لتبلغ من يجهل من أهلك وأقاربك وغيرهم ما يجهلونه، فقد ورد في الحديث: رسم> يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين رسم> .
ففي هذا أن حَمَلة العِلم هم أهل العدالة، فهم عدول وأن هذا عملهم، فالذي ينبغي أن يكون من هؤلاء العدول نية صالحة نية صادقة، هكذا تكون المقاصد.
هكذا ذكرنا أربعة أسباب تكون بها نية الإنسان صالحة، وأربعة تكون بها نيته فاسدة.
مسألة>