القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
شهر رمضان استقباله - قيامه - أصناف الناس فيه
12201 مشاهدة print word pdf
line-top
أقسام الناس في القربات

إذا نظرنا الناس في هذه البلاد وجدناهم أقسامًا: فقسم منهم من الله تعالى عليهم بمحبة الصلاة، فيصلون خمس ساعات إما من أول الليل أو من آخره، وربما صلوا ستَّ ساعات أو ما أشبهها، فيصلون تضرعا ومحبة، فيخشعون فيها ويخضعون، فهؤلاء خيرة الله، فهؤلاء صفوة الله تعالى من خلقه، فهؤلاء أهل التقوى، هؤلاء هم الذين مدحهم الله تعالى بقوله: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وبقوله: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا .
وهناك قسم ثان من خير الأقسام أيضًا، وهم الذين يبيتون ليلهم يقرءون كلام الله تعالى، جماعات وفرادى، ويتدبرونه ويتعقلونه، يجدون فيه لذتهم وسلوتهم، فهؤلاء من خير الأقسام، حيث إنهم قطعوا ليلهم في عبادة، في قراءةٍ وتدبرٍ وذكرٍ ودعاءٍ ونحو ذلك.

وهناك قسم ثالث يقطعون ليلهم في تنمية أموالهم، فصاحب التجارة ينمي تجارته طوال ليله، يحسب ربحه بالدرهم أو دراهم قليلة ويترك تلاوة كتاب الله والتقرب إليه بهذه الصلاة، وصاحب الصنعة يعمل في حرفته يدوية أو نحوها، يربح ربحا دنيويا، ولو فاته الخير، ولو فاتته العبادة، ولو فاته التهجد والتقرب، يقدمون المصالح الدنيوية وما أشبهها، وهؤلاء يظهر أنهم عبيد للدنيا، حيث قدَّموا دنياهم على مصالح الآخرة.
وهناك قسم رابع يقطعون ليلهم في سهو ولهو، بغير فائدة، فمنهم من يقطع ليله في مجالس القيل والقال، وفي مجالس الكلام الذي لا أهمية له، ومنهم من يقطعون ليلهم بالتسكع في الأسواق، والذهاب والإياب، ليس لهم حاجة إلى بيع ولا شراء، وإنما يتنقلون ذهابا وإيابا، أو تجدهم أيضا جلوسا على الأرصفة ليس لهم إلا تجارة التحدث بما لا أهمية له، ثقلت عليهم الصلاة، ثقلت عليهم العبادة، ثقل عليهم القرآن، ثقلت الشريعة، وهان عليهم التسكع والتنقل ،وقطعوا الليل يريدون بذلك أن يناموا بالنهار، فلا يشعرون بألم جوع أو ظمأ في صيامهم، وهذا مقصد سيئ.
وهناك قسم خامس، يقطعون ليلهم في المعاصي والعياذ بالله- فهم يتركون العبادة ويشتغلون بالمعصية، فتجد الكثير منهم عكوفا على آلات اللهو، أو ينظرون إلى الأفلام الخليعة، ينظرون إلى الصور الفاتنة التي تبثها تلك القنوات الفضائية، والتي تعرض في الشاشات أمام الناظرين، يختارون أفلاما خليعة يعرضونها في تلك الشاشات أو يتلقون ما تبثه تلك الإذاعات، التي تفسد العقول والأخلاق، تدعو إلى الفساد، تدعو إلى ارتكاب الجرائم والمحرمات، ومع ذلك تفوتهم الخيرات، لا شك أن هؤلاء حرموا أنفسهم فضل الله تعالى ومغفرته، وارتكبوا المحرمات، وهكذا أيضا كثير يقطعون ليلهم على شرب الدخان، وتعاطي المخدرات وشرب المسكرات، وسماع الأغنيات وما إلى ذلك، فجمعوا بين ترك الطاعات وفعل المحرمات.
لا شك أن هذا تفاوت كبير بين المسلمين في هذه الليالي، فالذين يريدون الخير يجدون أبوابه مفتحة، أبواب الجنة قد فتحت، كما قال -صلى الله عليه وسلم - إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار .
فأين المتسابقون؟ أين المسارعون إلى الخيرات عباد الله؟ ألا تنتهز الفرص؟ ألا تغتنم الأوقات الشريفة؟ ألا تغتنم أيام هذا الشهر ولياليه؟ نستغلها فيما يقربنا إلى الله، بما يسبب لنا مغفرة الذنوب والعتق من النار كما كان سلفنا الصالح، وحال قدوتنا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم -.

اللهم ارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء، نحن المذنبون وأنت الغفور، نحن الفقراء وأنت الغني، نحن عبادك وأنت مالكنا، أنت ربنا وخالقنا، أنت الذي تكفلت بأرزاقنا، أنت الذي تكفلت بأقواتنا. اللهم لا تمنع بذنوبنا فضلك، اللهم اغفر ذنوبنا، وكفر عنا سيئاتنا، وارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء، لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

line-bottom