جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
الآداب والأخلاق الشرعية
21317 مشاهدة print word pdf
line-top
الأدب الثالث التواضع ولين الجانب

ومن الآداب التي أدّبنا بها الإسلام التواضعُ ولين الجانب؛ فإنه أمر أهله بالتواضع ونهى عن التكبر، والمتواضع هو الذي يُقبِل على الناس إقبالا متساويا بين كبيرهم وصغيرهم، ويسمع من هذا ومن ذاك، ويقبل من هذا ومن هذا، ويلين جانبه لهم، ويسعهم خلُقُه، ويُسفر لهم وجهَه، ويبسط لهم جاهَه ويتواضع لهم من خلقه قلبا وقالبا .
أما المتكبر فإنه ذلك الذي يشمخ بأنفه، ويترفّع بنفسه، ويحتقر من هو دونه كائنا من كان ويزدري الناس ويراهم كأنهم حشرات على وجه الأرض، ولا يرى لغيره عليه حقا ومن آثار تكبره هذا أنه لا يقبل نصحا من أحد، فيدّعي أنه أرفع منهم قدرا وأفضل، فلا يتأثر بإرشاد ولا بموعظة تكبّرا وإعجابا بنفسه.
وهذا لا شك من الأخلاق السيئة، فينبغي للمسلم أن يكون متواضعا للصغير والكبير، لا يرفع نفسه ولا يترفع على أحد مهما كانت مقدرته ومنزلته، فيكون من آثار ذلك أن يقبل من كل من أرشده أو نصحه، ومتى كان كذلك فقد تأدب بأدب حسن من تلك الآداب التي تخلّق بها نبينا عليه السلام، وتخلق بها أصحابه -رضي الله عنهم-.
ولا شك أن من آداب الإسلام التي حرص عليها الإسلام مع التواضع، لينُ الجانب، والنظرُ إلى المسلمين بعين الرحمة والشفقة، ونصحهم وإرشادهم إلى الخير، وتعليم الجاهل، وإرشاد الضال، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل هذا شفقة عليهم من الوقوع في عذاب الله، وهذه كلها من آثار محبته للمسلمين، والشفقة عليهم من مواقعة العذاب.
فإذا تأدبنا بهذا وابتعدنا عما يضاده أصبحنا إخوة، وأمة متماسكة قوية لها معنوياتها ولها مكانتها، وأما إذا تفرقت كلمتنا وتشتتت آراؤنا واستبدّ كل منا برأيه؛ فإن ذلك من أسباب الفرقة وضعف المسلمين، ويكون سببا في تمكين أعدائنا منا؛ الذين يكيدوننا ويتربصون بنا الدوائر.
 والمسلمون إذا اجتمعت كلمتهم وتمسكوا بدين الله كما أمرهم الله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [سورة آل عمران، الآية:103]. وتمسكوا بهذا الحبل المتين واجتمعوا على أمره تعالى وأخذ بعضهم ينصح بعضا وتأدبوا جميعا بالآداب الشرعية كان ذلك من الأسباب التي تقوي كلمتهم وتجعلهم أمة متماسكة متكاملة.

line-bottom