القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
كلمة مع فتاوى وأجوبة السائلين
2767 مشاهدة print word pdf
line-top
كلمة مع فتاوى وأجوبة السائلين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛ ذكرنا أن التعلم والحرص على الاستفادة من الواجبات على العموم، وفائدة ذلك عبادة الله تعالى على بصيرة، ومعرفة ما يجب على المسلم فيفعله، وما يحرم عليه فيتركه.
وقد وفق الله تعالى من عهد الصحابة إلى يومنا هذا من يقوم بالتعليم وبالإجابات على الأسئلة التي تقع للأفراد والجماعات، فكان من الصحابة رضي الله عنهم من يحمل العلم ويحفظه، ومنهم من يستنبط منه ويستدل به على الوقائع وإن لم يكن يحفظه، ومنهم من يحفظه ويستنبط منه فيجمع بين الأمرين.
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لهؤلاء بالأرض، إذا نزل المطر عليها انقسمت أربعة أقسام: قسم تمسك الماء وتنبت الكلأ والعشب الكثير؛ فيرعون دوابهم من النبات ويسقونها من الماء، سواء كان الماء على ظهرها في المستنقعات أو في جوفها كالمياه الجوفية؛ فهؤلاء مثلهم كمثل الذين يحفظون الأحاديث والآيات، ويستنبطون الأحكام منها، فيستفاد منهم من جهتين: حفظ النصوص ومعرفة معانيها، وتطبيقها على وقائع الناس.
والقسم الثاني: الحفَّاظ فقط، الذين ليس لهم معرفة باستنباط الأحكام ولا بالاستدلال بها، قيضهم الله تعالى للحفظ؛ فمثلهم كمثل الأرض التي لا نبات فيها، ولكن فيها مياه، إذا نزل المطر عليها حفظته؛ إما في جوفها وإلا على ظهرها فيسقون الناس منها، ويزرعون ويسقون دوابهم. والقسم الثالث: الأرض التي لا تمسك الماء لا في جوفها ولا على ظهرها، ولكنها أرض طيبة تنبت النباتات المختلفة الزهور والطعوم والألوان والروائح. يجد الناس فيها مرعى خصبا؛ فهؤلاء مثلهم كمثل الذين يستنبطون الأحكام يستدلون عليها بالأدلة، وإن لم يكونوا يحفظون الأدلة.
فأما القسم الرابع: فهم المعرضون الذين لا يستفاد منهم؛ لا يحفظون ولا يفهمون؛ فهم مثل الأرض السبخة التي لا تنبت ولا تمسك الماء. الحديث في الصحيح عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء؛ فسقى الناس وزرعوا، وأصابت طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به من الهدى فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به .
فيحرص المؤمن على أن يكون من الذين ينفعون وينفع الله بهم.

line-bottom