إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
فتاوى الزكاة
112349 مشاهدة
سادسا الغارمون

سادسا : الغارمون:
وقد قسم الغارم إلى قسمين: غارم لإصلاح ذات البين وغارم لنفسه أو لحاجته، والغارم لحاجته هو المدين الذي استدان وتحمل دينا من هذا ومن هذا، وكثرت الديون التي عليه، فلم يف بها ماله، ولو كان مظهره مظهر الأغنياء، ولو كان ينفق ويكرم ويطعم ويلبس فاخر الثياب ويركب فاخر السيارات وما أشبه ذلك، ولكن تراكمت عليه الديون، فلم يستطع وفاءها، فهو من الغارمين.
ومع ذلك يرشد إلى أنه لا يحل له هذا الإسراف ما دام أنه مدين، وأن عليه أن يحرص على إبراء ذمته ووفاء الدين الذي عليه؛ حتى لا يبقى مطالبا بحقوق الناس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الدين، أي أن يستدين الإنسان إلا للضرورة، حتى إنه كان لا يصلي على الميت إذا كان عليه دين لم يخلف عنه وفاء؛ إلا إذا تحمله أحد أصحابه، إلا في آخر الأمر كان يتحمل الديون عن الأموات ويوفيها من بيت المال، ويقول: أنا أولى بالمسلمين من أنفسهم، من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا فإلي وعلي .
والحاصل أن الغارم ذكرنا أنه قسمان: الغارم لنفسه وهو الذي يستدين ولا يقدر على الوفاء، والثاني: الغارم لإصلاح ذات البين، وصورة ذلك إذا وقع بين طائفتين قتال جئت إليهم، وأصلحت بينهم، وقلت لهم: أنا أتحمل لكم أيها القبيلة بألف، وأتحمل لكم أيها القبيلة الأخرى بألفين، على أن تسقطوا حقوقكم، فهذه الآلاف التي تحملتها لا نكلفك أن تدفعها من مالك ولو كنت ثريا وغنيا؛ لأن فيها تكليفا كبيرا وفيها شيء من الإجحاف في أموال ذوي الجاه؛ فلذلك تستحق أن تأخذها من الزكوات.
ففي حديث قبيصة قال: تحملت حمالة فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أسأله من الزكاة، فقال: اجلس عندنا حتى تأتينا الزكاة -أو الصدقات- فنأمر لك بها ؛ لأنه تحمل حمالة لإصلاح ذات البين.