إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
لقاء مع تحفيظ القرآن بالخرمة
1982 مشاهدة
لقاء مع تحفيظ القرآن بالخرمة

أن ينفع بها؛ وهي زيارة فضيلة الشيخ عبد الله لهذه الجمعية الفتية، وهؤلاء الإخوة الذين تراهم أمامك، والمنسوب في الجمعية: من معلمين ومشرفين وإداريين وكلهم يد واحدة نحو تحقيق هذا المقصد؛ لتعليم كتاب الله -عز وجل- ويرغبون من فضيلتكم كلمة ونصيحة، ولديهم بعض الأسئلة عقب ذلك إن رأيتم في الإجابة عليها، نسأل الله -عز وجل- لكم المثوبة والأجر.
حياكم الله وأهلا وسهلا، لا شك أن عملكم هذا من أشرف الأعمال؛ لأنكم تشتغلون بحفظ القرآن وبتعليمه؛ حيث إن كثيرا من الشباب انصرفوا عن القرآن بعدة أسباب:
السبب الأول: انشغالهم كما يقولون بالدروس النظامية، ويدعي أولياؤهم أن الاشتغال بالقرآن يضعف علمهم بالدروس التي يدرسونها في المدارس، وهذا غير صحيح؛ بل المشاهد أن الذين يواظبون على الدراسة في مدارس تحفيظ القرآن يوفقهم الله، ويكونون من أبرز الطلاب ومن أحفظهم؛ فنقول: إن هذا العذر عذر ضعيف، كون الطالب يقول: لا أدرس في التحفيظ حتى لا يعوقني عن الدراسة.
السبب الثاني: كثرة الملاهي التي تشغل عن الإقبال على القرآن والاهتمام به، ويعتبرها بعض الناس تسلية لأولادهم، وشغلا لأوقاتهم فهو يقول: إن أولادي بحاجة إلى الترفيه وإلى التسلية، وإلى الرفاهية والترفيه البريء؛ فيجلبون لهم آلات الملاهي، ويملئون البيوت بالأجهزة التي تشغلهم نهارهم وليلهم، يعكفون على النظر في تلك الصور، وفي تلك الأفلام، وفي سماع ذلك اللهو والباطل والغناء والطرب، فمتى يتفرغون لحفظ القرآن أو للنظر فيه؟! فهذا سبب صد كثيرا من شباب المسلمين عن الإقبال على القرآن.
سبب ثالث: وهو شغفهم بما يسمى الرياضة، وتتبع أخبار الرياضيين، والاهتمام بمتابعة أخبارهم؛ فتجده يلعب دائما، أو يشاهد اللاعبين، أو ينظر إليهم من وراء الشاشات، أو يجلس ينتظر المباريات، ساعتين أو ثلاث ساعات؛ فيضيع عليه وقته بهذه المشاهدة، وكذلك أيضا ينشغل وقته كله أو جله بالحديث عنها، فتجدهم دائما يسألون ويتابعون الأخبار، هذا مما يصدهم عن الاهتمام بالقرآن.
وسبب رابع: وهو قلة الحوافز والدوافع لحفظ القرآن، أو للاهتمام به؛ فلا يجدون تشجيعا من أولياء الأمور، ولا يجدون حثا من المدرسين الذين يدرسونه في الأصول الدراسية، ولا يستمعون إلى نصائح ولا إلى مواعظ؛ فيكونون قد انصرفوا عن القرآن وعن الاهتمام به.
تعلمون أن ذلك من الهجران الذي ذم الله أهله، قال الله تعالى: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَب إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا فمن هجرانه: عدم تلاوته بحيث إن كثيرا من الطلاب يقرأ المرحلة الابتدائية والمراحل بعدها، ربما يتم عمره خمسة عشر، وهو ما قرأ القرآن ولو مرة واحدة، لا حفظا ولا نظرا، فكيف يكون هذا من أهل القرآن؟! وكيف يهتم بالقرآن؟! لا شك أن هذا يعتبر هجران. اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ؛ فالإعراض عن قراءته عمل سيئ، وفيه وعيد؛ لقول الله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا فيدخل في الذكر الإعراض عن القرآن؛ لأن الله سماه الذكر قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ؛ فيخاف على الذين يهجرونه أن يكونوا من هذا الوعيد.