اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
محاضرات في الزواج
12597 مشاهدة
نكاح الكفار

ويُقر الكفار على نكاح فاسد إن اعتقدوا صحته وإن أسلم الزوجان والمرأة تباح إذن أقرا.


يجعل الفقهاء في كتب الفقه باب نكاح الكفار، ويذكرون بعض أحكامه. الكفار يعم اليهود والنصارى والوثنيين والمجوس ونحوهم، لكن المجوس –خاصة- يستحلون نكاح المحارم؛ يعني يتزوج أحدهم أمه وبنته وأخته، ولا يبالون بذلك؛ يرون أنه جائز في شريعتهم، فإذا دخلوا في الذمة فإنا نحكم عليهم بحكم الإسلام، ويلزم التفريق بين الزوج ومحرمه. إذا دخلوا في الذمة، وكان لهم ذمة، يؤدون الجزية؛ فلا يقرون على نكاح المحارم.
إذا كانوا مستقلين وليسوا تحت ولاية المسلمين، وليسوا في ذمة، وكانوا –مثلا- حربيين أو معاهدين؛ فلا يستطيع المسلمون أن يلزموهم بأحكام الإسلام؛ فلذلك لا يقرون على ما هو محرم في شرعنا إذا كانوا تحت ولايتنا.
أما إذا كان نكاحهم يقره الشرع فلا نتعرض لكيفية عقده. إذا دخلوا تحت ولايتنا -يهود أو نصارى أو وثنيين أو مجوس- إذا دخلوا تحت ولاية المسلمين أقررناهم على أنكحتهم، ولو كانت في الأصل غير شرعية؛ يعني قد يكون فيهم من يتزوج بلا مهر؛ فنقرهم، أو يكون مهره حراما كخمر ونحوها. فإذا دخلوا تحت ولايتنا أقررناهم.
أو تكون الزوجة –مثلا- مكرهة، مغصوبة عليه؛ ولكنها رضيت بعد ذلك؛ فيقرون. وكذلك إذا كان العقد بلا شهود؛ فيقرون، ولا نسألهم عن كيفية العقد. وإذا أسلموا أقررناهم على أنكحتهم التي يقرها الشرع. فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقر الذين أسلموا على أنكحتهم، ولم يتعرض لكيفية العقد.
أسلم خلق كثير، وأسلم أزواجهم معهم، وأقروا على أنكحتهم، يعني الأصل أنهم يعتقدون صحتها، ولو اختل فيها شرط من الشروط. تقدمت الشروط عندنا كالإيجاب والقبول وتعيين الزوجين ورضاهما والولي والشهود. هذه مشترطة معتبرة في الإسلام، ولكن قد لا يعتبرونها في الكفر.
فعلى هذا إذا أسلموا أقررناهم على أنكحتهم التي يقرها الشرع، والتي لا تنافي الأدلة، ومنعناهم من الأنكحة التي لا يقرها الشرع. مثال ذلك أن غيلان الثقفي أسلم وعنده عشر زوجات؛ فأقر الرسول منهن أربعا، وقال: اختر منهن أربعا ولم يقل: اختر الأولى والثانية والثالثة والرابعة؛ فإن من بقي هن نكاحهن باطل. أقره على ذلك. ولم يقل أيضا: عليك أن تختار الأولى، أو –مثلا- الكبيرة أو الصغيرة، أو ما أشبه ذلك. أقره وأمره أن يختار منهن أربعا، وأن يفارق سائرهن، ولم يقل: كيف عقدك عليها؟ هل هو عقد صحيح أو فاسد أو باطل؟ ما سأله هو ولا غيره، إنما لما كان الشرع يحرم الزيادة على الأربع أمره بالاقتصار على الأربع.
كذلك قصة فيروز الديلمي أسلم وعنده أختان؛ فأمره -صلى الله عليه وسلم- أن يفارق إحداهما؛ حيث إن الشرع لا يجيز الجمع بين الأختين، ولم يقل: اختر الأولى ولا الثانية، ولم يسأله عن كيفية عقد النكاح؛ هل هو عقد بإيجاب وقبول، وبولي وبشاهدين؟ وهل الولي معتبرة فيه شروط الولاية؟ ما سأله. بل أقره على ذلك.
وكذلك نساء بقية المسلمين، لما أسلم أهل مكة جاءه النساء يبايعنه، وبايعهن على ما كان يبايع عليه -أو على ما أمره الله- ولم ينكر عليهن، ولم يقل: جددوا العقود. فإذا أسلموا جميعا فإنهم يبقون على أنكحتهم. أما إذا أسلم أحدهم قبل الآخر؛ فلا بد أن يسلم الآخر في العدة أو تحصل الفرقة. إذا أسلم الزوج، وامتنعت الزوجة فإنا نؤجله حتى تنتهي العدة. إن انتهت العدة حصل الفراق، ولم يحل له إمساكها؛ لأنه مسلم وهي كافرة، قد قال تعالى: وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ؛ فلا يجوز له إمساكها بعد العدة.
وإن أسلمت المرأة وزوجها بقي على كفره؛ ففي هذه الحال –أيضا- تنتظر العدة، فإن أسلم وهي في العدة -لم تنته- فإنها تكون زوجته. وأما إذا انتهت ملكت نفسها، ولم تحل له. فإن تراضيا بعد ذلك، وجددا زواجا بعد أن يسلم الثاني؛ بقيا على نكاحهما.