اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
محاضرة القاعة
3597 مشاهدة
ذل أهل المعاصي

وأما أهل المعاصي فإنهم وإن نعموا في الظاهر؛ فإن المعاصي تذلهم، وتهينهم، حتى قال الحسن بن أبي الحسن البصري –رحمه الله- يذكر أهل المعاصي فيقول: إنهم وإن طقطقت بهم النعال أو البغال وهملجت بهم البراذين فإن ذل المعاصي لا يفارق رقابهم، أبى الله إلا أن يُذِل من عصاه.
بمعنى أن أهل المعاصي والعكوف على الملاهي والأغاني، وما أشبهها، في الحقيقة أنهم أذلاء، وأن المعاصي أذلتهم وأهانتهم، ويقول بعض العلماء أو العباد: إني لأعصي الله؛ فأعرف ذلك في خُلق دابتي وامرأتي.
يعني: من آثار المعصية أن أثر المعصية يظهر حتى في خُلق المرأة، أن يُسِلط الله عليه بعض من يؤذيه أو يظهر عليه؛ فيتفكر ما السبب؟ فلا يجد سببا إلا أنه فعل معصية واحدة، فهذا هو حقيقة الحياة الطيبة.
وأما التوسع في الدنيا وفي الممتلكات، وما أشبهها، فمعلوم أنه يشترك في ذلك البر والفاجر، يقول بعض العلماء: الدنيا عرض حاضر، يأكل منه البر والفاجر، والآخرة وعد صادق، يحكم فيها ملك عادل.
الدنيا يريد به متاع الدنيا، هو عرض يشترك فيه المؤمنون والكافرون، كلهم مشتركون في أن هذا متنعم، وأن هذا متنعم، وهذا عنده ثروة، وهذا عنده ثروة، وهذا عنده شهوات أو أموال، وهذا كذلك مع أن هذا بر، وهذا فاجر، هذا مؤمن وهذا كافر، دليل على أنها ليست مقصدا، ليست الدنيا ومتاعها مقصدا أساسيا ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء .

لكنهــا واللـه أحـقر عنــده
مـن ذا الجنـاح قاصـر الطـيران
ما قيمة جناح البعوضة؟ هل له قيمة؟ جناح الناموسة هل له قيمة؟ وهل يساوي شيئا؟ فلو كانت الدنيا تساوي هذا الجناح؛ لحرم منها الكفار؛ لأن الكفار أعداؤه، أعداء دينه وأعداء عباده، ولكن الدنيا أحقر عند الله من هذا الجناح؛ فلذلك أعطاها من أعطاها، ولذلك ورد في الحديث: أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر المؤمن كأنه فيها سجين؛ لأنه ينتظر الآخرة وينتظر الثواب عند الله، وأما الكافر فإنه جعلها هي جنته وجعلها لذته.