(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
محاضرة بعنوان الشباب والفراغ
5656 مشاهدة
إضاعة الوقت في مجالس الغيبة والنميمة

كذلك نقول: من جملة الملاهي التي ينشغل بها ويشغل بها كثير من الناس مجالسهم أنهم يحسون بأنهم في وقت لا عمل لهم فيه وأنهم فارغون، فيخرجون إلى أماكن في خارج البلد أو في وسط البلد ويجتمعون فيما بينهم، واجتماعهم ليس على طاعة، بل - غالبا- على معصية، ولعلكم تشاهدون كثيرا منهم على الطرق الطويلة, إذا سرتم على الطرق الطويلة وجدتموهم جماعات قد أوقفوا سياراتهم وقد اجتمعوا حلقا، على أي شيء تلك الحلق؟
هل اجتمعوا على ذكر وتدبر ؟
هل اجتمعوا على قراءة وموعظة ؟
هل اجتمعوا على تعلم وتعليم ؟
هل اجتمعوا على تفكر وتدبر في الآيات والمخلوقات ؟
لا، إنما اجتمعوا على كلام سيء وباطل، على أقل ما فيه أنه غيبة ونميمة وكلام في أعراض أناس غائبين أو ما أشبه ذلك.
لا شك أن هذه غالب مجالس الناس, أنهم اتخذوا تلك المجالس التي يتفكهون فيها في أعراض إخوتهم, فيقولون: فلان حصَّل وفلان لم يحصِّل وفلان كذا وكذا، ويعيبونه ويذكرون المثالب والمعايب ويقدحون فيه، ويتخذون عرضه تسلية وتحلية لمجالسهم ويقطعون به أوقاتهم، فيقعون في الغيبة التي ذمها الله تعالى ونهى عنها في قوله تعالى: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ فشبه أكل عرضه وانتهاك عرضه بمن يأكل لحمه وهو ميت، ولا شك أن ذلك غاية البشاعة.
والأدلة على تحريم الغيبة كثيرة، لا نستطيع أن نأتي بها، ولكن نحرض إخوتنا على أن يجعلوا مجالسهم في شيء نافع من العلم والعمل ويستفيدون منها ما ينفعهم، ويبتعدوا عن مجالسة أهل التفكه بالأعراض واتخاذ الأعراض تسلية وتحلية وقطعا للوقت وإذهابا للزمان -كما يقولون-.
والأولى إذا كانوا فارغين أن يجعلوا وقتهم في ما ينفعهم، فإن كان ولا بد فليكن كلامهم في أناس حاضرين معهم، أنت يا فلان فيك وفيك حتى ينبهوه على ما فيه من النقص رجاء أن ينفعوه، ويشغلوا بذلك وقتهم ولا يضروا أحدا من المسلمين الغائبين.