الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
محاضرة في السعيرة
4032 مشاهدة
تغيير المنكر وأثره

كذلك إذا رأيته يتأخر أو يفعل شيئًا من المحرمات فلا يسعك إلا أن تنصحه وأن تبين له إثمها، فإن سماع الأغاني هذا من المحرمات، فالذين يستمعونها ويقتنون آلاتها تصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة وعن العبادات، فلا يسعنا إلا أن ننصحهم بأي وسيلة.
كذلك إذا رأيناهم يفعلون شيئا من المحرمات، فلا يسعنا أن نسكت عنهم، ورد أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده بعقوبة منه إذا رأوا المنكر ظاهرا، وكذلك ورد أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: إذا خفيت المعصية لم تضر إلا صاحبها، وإذا ظهرت ولم تغير ضرت العامة إذا أُعلنت المعصية وظهرت والناس ينظرون إلى هذا العاصي ولم يغيروا عليه فإنهم يتضررون بذلك، يعاقبهم الله تعالى عقوبة تعمهم تعم الصالح والطالح، وقد ضرب النبي- صلى الله عليه وسلم- مثلا قال: مثل الواقع في حدود الله والمداهن فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فكان بعضهم في أعلاها وبعضهم في أسفلها، وكان الذين في أسفلِها إذا استَقوا الماءِ يمَرّون على مَن في أعلاها , فقالوا: لو أنّا خرقنا في نَصيبنا ولم نُؤْذِ مَن فَوقَنا, فإن أخَذوا على أيديهم نَجَوا ونجوا جميعا، وإن تركوهم وما يريدون هلكوا وهلكوا جميعا .
ذكر أنه مثل العاصي والساكت، العصاة الذين يظهرون المعاصي, والساكتون الذين يسكتون عنها، مثلهم كمثل سفينة في البحر من طبقتين من دورين، الدور الذين في أسفلها إذا أرادوا أن يأخذوا ماء يصعدون حتى يغترفوا من البحر ثم ينزلون، فكأنهم يؤذون الذين فوقهم بمرورهم عليهم وبتقاطر الماء منهم، فاحتالوا أو فكروا قالوا: لماذا لا نخرق السفينة من أسفلها -أي: في نصيبنا- حتى نأخذ الماء من قريب؟! علم بهم الذين فوقهم, فإن تركوهم يخرقون السفينة دخل الماء فيها ورسبت وغرق الأعلى والأسفل، وإن منعوهم وقالوا: لا تخرقوها. نجوا ونجوا جميعا، فهكذا الذين يتركون المعاصي ويتركون العصاة يعصون الله -وهم يقدرون على منعهم- يوشك أن يعمهم الله تعالى بالعقاب، وأن ينتقم منهم جميعا، فيكونون جميعا من الذين وقعوا في المعصية وهلكوا أو تسببوا في هلاك غيرهم.
وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يحث على إنكار المنكر حتى على أقرب قريب وأبعد بعيد، إنكار المنكر وتغييره وإزالة آثاره حتى لا تعم العقوبة، ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم ووانسوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ جلس بعد ذلك النبي- صلى الله عليه وسلم- ولما جلس من اهتمامه بالأمر قال: كلا، والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم فهذه من حقوق المسلمين بعضهم على بعض.