جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
أسئلة وأجوبة الكلية التقنية
4915 مشاهدة print word pdf
line-top
فضل العلم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أولا: إنني فرحٌ ومسرورٌ بهذا الإقبال وبهذا التقبل، وأعتقد أن هذا التقبل وهذا الاهتمام دليل على محبة الخير، والحرص عليه في شباب المسلمين وفي عمومهم. ثانيا: أتكلم في هذه المقدمة على ثلاث مسائل من العلم: مسألة في فضله، ثم في حقيقته وماهيته، ثم في التحذير من العوائق التي تعوق عنه، وبعد ذلك نشتغل بالإجابة على الأسئلة.
فأما فضل العلم فقد وردت فيه أدلة كثيرة؛ مثل قول الله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ هذا الاستفهام يراد به الاستدلال على فضل العلم؛ كأن الجواب لا يستوون عند الله. ويدل عليه الآيات التي فيها نفي الاستواء بين الأشياء المتقابلة مثل قول الله: وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ فُسر قوله: الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ؛ أن الْأَعْمَى هو الجاهل، وَالْبَصِيرُ هو العالم؛ وذلك لأن العلم نور يقذفه الله تعالى في قلوب من شاء من عباده، وقد ذكر ذلك الشافعي في أبياته المشهورة في قوله:
شكـوت إلى وكيـع سوء حفظـي
فأرشـدني إلـى تـرك المعــاصي
وقـال اعلـم بـأن العلــم نـور
ونـور اللــه لا يؤتـاه عـــاص
فالمعنى لا يستوي الْأَعْمَى الذي هو جاهل، وَالْبَصِيرُ الذي قد فتح الله عليه وأرزقه علما هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ فُسرت الظُّلُمَاتُ بأنها المعاصي، وَالنُّورُ بأنه الطاعات، أو الكفر والإيمان وما أشبه ذلك. وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ فُسر بأنه الجنة والنار لا تستويان، كما لا يستوي في الدنيا الظل والحر؛ الشمس التي هي شديدة الحرارة.
وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ فُسر الْأَحْيَاءُ بأنهم المؤمنون، والأموات بأنهم الكافرون. فالحاصل أن هذا دليل على فضل العلم، كذلك من فضله أن الله تعالى جعل حملته هم الذين يخشونه ويخافونه، قال الله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ الخشية هي شدة الخوف، لا يخشى الله تعالى إلا أهل العلم الحقيقي.
كذلك من الأدلة قول الله تعالى لما ذكر الإشهاد على وحدانيته: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ استشهد بملائكته وبالعلماء من عباده. دلنا هذا على أن أهل العلم هم الذين يعرفون الله، وهم الذين يشهدون له بالوحدانية. وإذا كان العلماء هم شهداء الله تعالى على وحدانيته؛ فإنهم أيضا هم أهل خشيته الذين يخافونه حق الخوف، ويخشونه حق الخشية.
من الأدلة أيضا من السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ؛ يعني يرزقه فقها وفهما، ويقبل بقلبه على التفقه والتعلم. كذلك الحديث المشهور حديث أبي الدرداء في فضل العلم، وقد شرحه بعض العلماء كابن رجب في رسالة كبيرة يعني في نسخة -أوله قوله صلى الله عليه وسلم: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ما أعظم ذلك من الفضل؛ أن من قطع طريقا طويلا أو قصيرا يلتمس فيه التعلم؛ فإن الله تعالى ييسر له الطريق إلى الجنة.
ثم يقول في الحديث: وإن العالم ليستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر دليل أيضا على أهمية العلم حيث تستغفر له الدواب والوحوش والطيور؛ فضلا عن استغفار الملائكة وعباد الله تعالى، ثم يقول: وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ؛ أي طالب العلم تتواضع له الملائكة وتضع له أجنحتها. كذلك يقول بعد ذلك: ولعالم واحد أشد على الشيطان من ألف عابد العالم الواحد أشد على الشيطان من ألف عابد وما ذاك إلا أن العالم ينفع الله تعالى به أهل الأرض.
أما العابد فإن نفعه يختص به يقتصر عليه، ثم يقول: وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر ذكر أن بعض العلماء دخل مرة السوق فرأى جماعة جلوسا فقال لهم: أنتم جلوسا هاهنا وميراث النبي صلى الله عليه وسلم يُقسم في المسجد، وكان في المسجد أحد المحدثين يُحدث ويُعلم، فلما دخلوا لم يجدوا أحدا؛ يعتقدون أن الميراث هو مال يقسم، فأخبرهم بأن هذا التقسيم هو تعليم العلم الذي هو ميراثُ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ فيجب على المسلم أن يهتم بالعلم، وأن يبذل فيه ما يستطيع إذا عرف فضيلته.

line-bottom