إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
أسئلة وأجوبة الكلية التقنية
4889 مشاهدة print word pdf
line-top
حقيقة العلم

كذلك ننتقل إلى حقيقة العلم. العلم الصحيح الذي ورد فيه هذا الفضل هو ما علمه الأنبياء أممهم، وما ورثه الأنبياء عن أممهم؛ هذا حقيقة هو العلم الصحيح وهو علم الشرع علم الديانة، العلم الذي جعله الله تعالى سببا ووسيلة إلى نيل كرامته وإلى العمل بطاعته. ولا شك أن ما سواه فإنه من الشواغل؛ ولذلك يقول بعض الشعراء:
العلـم قــال الله قــال رسولـه
قــال الصحابـة ليس خلـف فيـه
يعني هذا هو حقيقة العلم؛ الذي فيه قال الله قال رسوله قال الصحابة الذين هم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا العلم.
ما العلم نصبك للخلاف سفاهــة
.................................
أي: ليس العلم أن تنصب الخلاف بين العلماء؛ فتقول: قال فلان وخالفه فلان.
ما العلم نصبك للخلاف سفاهــة
بين النصـوص وبين رأي فقيــه
ويقول آخر في حقيقة العلم:
كل العلـوم سـوى القرآن مشغلة
إلا الحديـث وإلا الفقه فـي الديـن
يعني أن العلم الحقيقي هو القرآن الذي هو كلام الله، وكذلك تفسيره الذي يبين معانيه، وكذلك الحديث أي الاشتغال بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك الاشتغال بالتفقه فيه. هذا هو حقيقة العلم.
كل العلـوم سـوى القرآن مشغلة
إلا الحديـث وإلا الفقه فـي الديـن
العلم مـا كـان فيـه قال حدثنـا
وما سوى ذاك وسـواس الشياطين
هكذا يفسر العلم؛ فحقيقة العلم ترجع إلى كتاب الله تعالى تعلمه حفظا وفهما، كما كان الصحابة رضي الله عنهم يتعلمون ألفاظه ثم يتعلمون معانيه، وبالأخص إذا كان فيه أوامر وإرشادات وما أشبهها، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: إذا سمعت الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فأرعها سمعك؛ فإنه خير تؤمر به أو شر تنهى عنه.
كذلك أيضا يقولون: إن هذا هو حقيقة العلم الذي هو كتاب الله تعالى، وتعلم ألفاظه وتعلم معانيه. كذلك أيضا تعلم الحديث لأنه بيانه. الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين القرآن للناس بقوله: لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فالنبي صلى الله عليه وسلم بين في سنته ما قاله الله. وما في كلامه من الآيات المجملة بينها بأقواله وأفعاله، فالاشتغال بالحديث النبوي اشتغال بالعلم الصحيح.
وقد اشتغل العلماء رحمهم الله تعالى بهذين الأصلين الكتاب والسنة؛ فذكروها أقساما. فجعلوا قسماً يتعلق بالعقائد والتوحيد، وجعلوا له أهميته، وأدلته مأخوذة من الوحيين. كذلك أيضا قسماً آخر وهو الأحكام التي هي الأدلة على الأوامر والنواهي، على الحلال والحرام، على الواجبات والمنهيات؛ هذه أيضا سموها بكتب الأحكام؛ فهي من العلم.
القسم الثالث: الآداب والأخلاق التي أدب بها الإسلام أهله؛ هذه أيضا من العلم. فيكون العلم في هذه الأقسام الثلاثة؛ يعني في الكتاب والسنة هذه هو الأصول، ثم قسمها العلماء؛ يعني تقسيما صحيحا إلى كتب تتعلق بالعقيدة، وكتب تتعلق بالأحكام، وكتب تتعلق بالآداب. فإذا اشتغل المسلم بهذه الأقسام الثلاثة حصل على العلم، ومراجعها معروفة.

line-bottom