الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
أطب مطعمك
7437 مشاهدة print word pdf
line-top
آثار الكسب الطيب

فأولا: آثار الكسب الطيب ما ذكر في هذا الحديث أن من كان كسبه حلالا ومطعمه حلالا فإن دعوته تكون مستجابة؛ إذا دعا الله تعالى أجاب دعوته، وأعطاه طلبته؛ وذلك لأنه تغذى بما هو غذاء حلال لا شبهة فيه، وقد دل على ذلك أيضا الحديث المشهور أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين؛ فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟ .
ننظر في هذا الحديث أخبر بأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا أي لا يقبل من الأعمال إلا طيبا، ولا يقبل من الكسب إلا طيبا، ولا يقبل من الصدقات ويثيب عليه إلا الكسب الطيب والمال الطيب، وأخبر بأن الله تعالى أمر المؤمنين بالطيبات: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ معنى ذلك اقتصروا على الطيبات فكلوا منها ولا تأكلوا الخبائث.
وكذلك أمر المرسلين: كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا مع أن المرسلين إنما هم الذين يعلمون الأمة ما هو طيب وما ليس بطيب، فإذا كان كذلك فإن علينا أن نحرص على الكسب الطيب، ونبتعد عن الكسب الخبيث، وقد كثرت الأدلة على ذلك مثل قول الله تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ فالطيبات هي ما أباحه الله تعالى من المكاسب، والخبائث ما فيه خبث حسي أو خبث معنوي، فالطيبات حلال والخبائث حرام.
وكذلك قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ فالطيبات هاهنا يعم ما كان طيبا من حيث مكسبه، وما كان طيبا من حيث مظهره.
وكذلك الخبائث ظاهرا والخبائث باطنا، كذلك ورد أن أن الله تعالى أنكر على اليهود في القرآن أنكر عليهم الأخذ من الحرام يقول الله تعالى: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ فجعل هذا من العيوب التي يعابون بها، وذلك دليل على أنهم كفروا بذلك، أو ضلوا وفسقوا بذلك لما أخذوا الربا وتعاملوا به، وكذلك لما أكلوا أموال الناس بالباطل يعني أخذوها ظلما فكان هذا تحذيرا لهذه الأمة أن يفعلوا كفعلهم كما قال عمر رضي الله عنه: مضى القوم ولم يعن به سواكم أي: أن هذا تحذير لكم أن تفعلوا كفعلهم.
كذلك أيضا ورد أن الله تعالى عاب الذين يأكلون السحت فوصف اليهود بقوله: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ السحت هو الحرام بأي نوع كان من أنواع الحرام، وهكذا قال تعالى: وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ السحت هو الحرام كل شيء من المحرم فإنه داخل في السحت فالذين يأكلون السحت داخلون في هذا الوعيد، أو داخلون في هذا الوصف.
نعود إلى الحديث الأول فنقول: إن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين أمرهم جميعا بأن يأكلوا من الطيبات، وأن يقتصروا عليها.

line-bottom