لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
أطب مطعمك
7245 مشاهدة print word pdf
line-top
عدم قبول الدعاء مع وجود أسبابه بسبب خبث المطعم

ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول: يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له؟ أي: كيف يستجاب له ذكر أربعة أسباب من أسباب إجابة الدعاء:
السبب الأول طول السفر: لأن المسافر عادة يكون منكسر القلب، ويكون متواضعا للرب؛ ولذلك ورد أن دعوة المسافر مستجابة سيما إذا كان سفره بعيدا إذا طال سفره شهرا أو أشهرا وهو يشد الرحل من مكان إلى مكان، فإنه يحصل في قلبه رقة، ويحصل في قلبه انكسار وتذلل، ويتواضع لربه فيكون ذلك أدعى إلى أنه إذا دعا الله بقلب حاضر دعا الله بقلب منكسر متواضع لربه ومع ذلك ما استجيب دعاء هذا المسافر الذي سفره طويل.
السبب الثاني كونه أشعث أغبر: أشعث يعني رأسه منتفش منتشر الشعر مغبر شعره ومغبر أيضا بدنه؛ وذلك لعدم تفرغه للعنايه بنفسه، وإذا كان العبد في هذه الصفة أشعث أغبر كان ذلك أقرب إلى أن يكون قلبه منكسرا وذليلا ومتواضعا ورد ذلك في حديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره أشعث أغبر يعني لم يكن يعتني ببدنه ذي طمرين أي في ثياب خلقةلم يكن له عناية بنفسه تواضعا لربه وتذللا وتمسكنا لو أقسم على الله لأبره أي: أجاب طلبته وبر قسمه مع ذلك هذا الرجل أشعث وأغبر ولم يستجب دعاؤه.
السبب الثالث أنه يمد يديه إلى السماء حالة دعائه: وهذا أيضا من أسباب إجابة الدعاء قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا أي خاليتين فجعل رفع اليدين في الدعاء لله تعالى سببا كبيرا في إجابة الدعوة وسببا في إجابة هذه الدعوات فإذا لم يستجب دل على قوة المانع، فهذا يمد يديه ومع ذلك لم يستجب دعاؤه وذلك لمانع قوي حال بينه وبين ذلك.
السبب الرابع تكراره للدعوات وللرب: توسله بقوله: يا رب يا رب يتوسل إلى الله بأنه ربه وبأنه مربيه ويعترف بأنه المالك له الرب هو المالك الرب هو المربي ومع ذلك هذه الأسباب تكرار الربوبية يا رب يا رب وكونه يرفع يديه وكونه أشعث وأغبر وكونه طويل السفر ومع ذلك لم يقبل دعوته لماذا؟ لأن مطعمه حرام أي طعامه الذي يأكله كله من الحرام ومشربه حرام لا يشرب إلا من الحرام وملبسه وكسوته حرام وغذي غذاؤه من الأصل حرام، فكان ذلك سببا لرد دعواته.
ورد أيضا ما يدل على تعذيب من تغذى بالحرام ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: كل لحم أو كل جسد نبت على سحت فالنار أولى به السحت هو المال الحرام ونبات جسده يعني تغذيه أي أن كل من تغذى ونبت جسده بمال حرام وبغذاء حرام فالنار أولى به -والعياذ بالله-.
فهذه أدلة تدل على أن الكسب الحرام والمال الحرام سبب لمنع الدعاء ولعدم إجابته إجابة الدعاء.
ولذلك كانوا إذا خرجوا يستغيثون يطلبون الرب أن يغيثهم اختاروا أن يدعو لهم الداعي المخلص الذي لم يشب كسبه بحرام، فيرون أثر الإجابة يرون أثر إجابة دعوته مشاهدا؛ أنه إذا كان الذي يدعو الله تعالى من أهل الإخلاص ومن أهل الحلال استجاب الله دعوته وأغاثهم.
وقد كنا قبل خمسين سنة أو ستين سنة لا نعرف غالبا المكاسب المحرمة، وأغلب الناس يأكلون من كسب أيديهم من كد أيديهم ومن عرق جبينه يأكل أحدهم من كد يده، فيعمل طوال النهار بأجرة يسيرة، وكذلك يحرث ويزرع ويحمل على ظهره ويبيع مما يحمله حتى يكون رزقه حلالا فإذا جفت البلاد وقحط المطر خرجوا يستغيثون، وبمجرد ما يستغيثون غالبا لا يأتي تمام الأسبوع إلا والمطر قد نزل عليهم والسحب قد تكاثفت وتراكمت والسيول قد مشت مع الأودية وزال ذلك القحط وزالت تلك الشدة بسبب الدعوة الطيبة التي دعا بها أناس مخلصون.
وهكذا لا يزال الذين يقتصرون على الحلال أن الله تعالى يستجيب دعوتهم فنعرف بعض الناس يكتسبون كسبا حلالا إما مثلا عملا بيده يعمل أحدهم بيده فيقوت نفسه، وإما يعمل في حرث ويقوت به نفسه ويتغذى به ويبتعد عن الأشياء المشتبهة فنرى أنهم مستجابة دعوتهم.
كما ذكر لنا عن أحد المشائخ أنه إذا قرأ على المريض فبمجرد ما يقرأ عليه دعوات قليلة يزول ألمه ويشفى بإذن الله.
ويؤتى مثلا بإناء فيه ماء ليقرأ فيه للمريض فلا ينفث فيه خمس مرات أو عشر مرات إلا ويطيش ذلك الإناء ويمتلئ، ثم يكون له الأثر العجيب في شفاء من يشربه وزوال الأمراض التي يعانيها ذلك المريض، وكم رأينا وكم سمعنا قديما وحديثا من الذين تغذوا بغذاء حلال واقتصروا عليه أحدهم إذا أتي بالمريض مريض من مس جان أو مريض من سحر أو مريض من إصابة عين أو مريض من أية أمراض عرضت له بمجرد ما يقرأ على المريض مرة أو مرتين يزول ذلك المرض منه فيخرج منه الجان الذي قد لابسه، ويعاهد الله ألا يعود إليه ما دام هذا الشخص حيا.
كما ذكر ذلك عن الإمام أحمد -رحمه الله- وعن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وكذلك عن مشائخ ذكروا لنا في هذه المملكة أن فلانا وفلانا كان من شأنه أنه لا يتغذى إلا من كد يده ولا يأكل من شيء فيه شبهة، وأنه بإذن الله صارت علاجاته ناجحة وقراءته ورقيته نافعة مفيدة لماذا؟ لأنه طيب المطعم.
والحديث الذي ذكرنا عن سعد بن أبي وقاص الذي قال: أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة فسعد -رضي الله عنه- كان مستجاب الدعوة؛ وذلك لأنه يتحرج عن أن يأكل شيئا فيه شبهة، ومع ذلك كان مستجاب الدعوة.
لما كان يصلي أو كان إماما في أحد بلاد العراق فاشتكوه بأنه لا يحسن يصلي، واشتكوه بأنه وبأنه فقال رجل من عبس: إذا سألتمونا عن سعد فإنه لا يخرج في السرية، ولا يعدل في الرعية، ولا يقسم بالسوية يعيبه بذلك، فقال سعد -رضي الله عنه- اللهم إن كان كاذبا فأطل عمره، وأعم بصره، وعرضه للفتن فاستجيبت دعوة سعد فطال عمره حتى تدلت حواجبه على عينيه، وعمي بصره فكان بعد ذلك يمشي ويلتمس الجدران ويقول: شيخ كبير أصابتني دعوة سعد فهذا مما دعا على من ظلمه فكيف لو دعا على من يحبه؟ فإن الله يجيب دعوته.

line-bottom