إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
محاضرة في أحكام التصوير
4156 مشاهدة
محاضرة في أحكام التصوير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لعلكم سمعتم -واشتهر بينكم- ما حدث في هذه الأيام من ضجة في أكثر العالم الإسلامي وغير الإسلامي مما فعله المسلمون في أفغانستان في محاولتهم هدم تلك الأوثان -أو تلك الصور القديمة- التي هي صور منحوتة في جبال من قديم الزمان. ولما مكن الله هذه الدولة من الاستيلاء على هذه البلاد، ورأت أن تحكم الشرع، وأن تحكم به؛ كان مما عزمت عليه أن تهد تلك الصور، وأن تمحو مكانها.
ولما عزمت على ذلك ضج العالم من فوقهم ومن تحتهم، وعن يمين وعن شمال، من المسلمين وغير المسلمين، وأنكر كثير منهم ذلك، واختلفوا ما بين مؤيد ومفند وناصر لهم وناقد لهم.
ولا شك أن هذا من غربة الإسلام؛ اهتمام كثير من الدول بهذه الأصنام أو بهذه الصور، وضجيجهم حول ما عزمت عليه هذه الدولة من محو هذه الصور وإزالة آثارها.
إنه لأمر عجيب! فإنهم في هذا الزمان وقبله يمسهم الجوع ولا تتكلم هذه الدول في أمرهم! يموت كثير منهم جوعا وجهدا وبردا، ولا تتكلم هذه الدول ولا تنتصر لهم! ولا تمدهم ولا تساعدهم على ما هم عليه من ضيق ذات اليد، ومن الشدة، ومن شدة البرد في هذا الشتاء وغيره. قليل الذي يهتم بأمرهم، والذي يتبرع لهم.
ولما عزموا على هذا الفعل الذي نحسبه -إن شاء الله- من إزالة الأوثان؛ ضجت كبار الدول، وأخذ كثير من الناس يبررون إبقاء هذه الصور، ويتكلمون وينشرون حولها ويدلون بشبهات حولها. فمن قائل: إنها ليست تعبد إنما هي تعتبر آثارا، والآثار فيها فائدة اقتصادية للبلاد؛ حيث أنها تكون موردا للسائحين.
وهذا غير صحيح؛ بل نعرف أن الله تعالى هو الذي يرزق من يشاء، ودليل ذلك أن المشركين لما نزل قول الله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ظن أهل مكة أنها ستضعف تجارتهم، وسيضعف اقتصادهم؛ فقالوا: سنخسر، لا يأتينا أحد، إذا منع العرب من أن يدخلوا هذا البلد ماذا تكون حالتنا؟! فأنزل الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وصدق الله وعده؛ فإن الله تعالى أغناهم بعد أن منع المشركين أن يدخلوا المسجد الحرام .
وإلى هذا العام، وإلى أن يشاء الله -والحمد لله- أن المشركين لا يدخلون المسجد الحرام -الذي هو مكة - ولا يقربونه، وذلك أمر الله تعالى، وفيه أيضا فائدة عظيمة، وهي تنزيه بيت الله تعالى عن المشركين الذين هم نجس كما ذكر الله. أغناهم الله تعالى، وحقق ما وعده؛ فيقال كذلك أيضا لهؤلاء المسلمين في دولة أفغانستان - نقول: يغنيكم الله من فضله، ويبارك لكم فيما أعطاكم، ولا حاجة لكم فيما تأخذونه من أولئك السائحين، أو من أولئك الذين يتعبدون بالتقرب إلى ذلك الصنم أو إلى تلك الأصنام.
كذلك يقول كثير من الناس: إن الصحابة وتلاميذهم أقروا هذه الأصنام أو هذه الصور، فلماذا لم يهدموها مع أنهم استولوا على الأفغان وعلى كثير من الدول، وأقروا ما فيها؟! أقروا ما في مصر من صور الأهرام ونحوها، وغيرها من الصور.
فنقول: إن الصحابة -رضي الله عنهم- وتلاميذهم كانوا مهتمين بالجهاد -الذي هو إدخال المسلمين في الإسلام والتوسع في فتح البلاد- فأهمهم فتح البلاد، فلما فتحوها ودان أهلها بالإسلام، وعرفوا أنهم عرفوا التوحيد؛ لم يكن يهمهم إزالة هذه الصور ونحوها.
وقد يكون السبب أنهم ليس عندهم إمكانيات في هدم تلك الصور التي هي منحوتة من حجارة؛ فلا يوجد عندهم المتفجرات التي توجد في هذه الأزمنة ولا غيرها؛ فأجلوا أمرها إلى أن يتمكنوا، ثم تركها من بعدهم ظنا منهم أنها لا تضر؛ فعلى هذا لا يظن أن الصحابة والتابعين وتابعيهم تركوها إقرارا لها.
الصور كالأهرام التي في مصر كانت آثارا ولا تزال، ولم يكن فيها شيء من الأوثان التي تعظم لأجلها. وكذلك يوجد أيضا في الشام في مدينة تدمر صورتان منحوتتان في الجبل لفتاتين، مر بهما أحد الشعراء فنظم فيهما أبياتا يقول فيها:
فتاتي أهـل تدمــر خبرانـــي
ألما تسأمـا طـول الـقـيــام
وإنكما على مــر الليــالــي
لأرسى من فروع ابنــي شمـام
ويقول فيهما الآخر:
ما صورتان بتدمر قـد راعتــا
أهل الحجى وجماعــة العشــاق
غبرا على مر الزمــان وكـره
لم يسأما مـن ألـفــة وعنــاق
فليرمينهم الـزمــان بكــره
بحوادث الإغــراب والإشـــراق
كي يعلم العلماء ألا خـالـــدا
غير الإله الـواحــد الـخــلاق
ثم أتى عليهما ما أتى على غيرهما فأزيلتا -والحمد لله-. فمتى تمكن المسلمون من إزالة مثل هذه الصور -التي هي منحوتة- فإنهم يزيلونها ولا يقرونها.
وكذلك أيضا يوجد في ديار ثمود - مدائن صالح - التي هي في داخل المملكة أن بعضهم صور صورة طائر على مدخل داره كنسر له أجنحة، وله أرجل وله عنق ورأس، ثم إن المسلمين لما فتحوا هذه البلاد أزالوا صورة الرأس، ومسحوه حتى كأنه شجرة؛ وذلك دليل على أن المسلمين متى استولوا على مثل هذه الأصنام ونحوها بادروا بإزالتها.
النبي -صلى الله عليه وسلم- لما استولى على مكة ودخلها سنة الفتح كان في المسجد الحرام ثلاثمائة وستون صنما؛ يعني: صور منحوتة من حجارة، أو منحوتة من خشب على صور رجال أو نساء، ومنها صنمان على الصفا والمروة يقال لهما: إساف ونائلة. ذكر المؤرخون: أنهما رجل وامرأة زنيا في داخل الكعبة؛ فمسخهما الله حجرين على ما هما عليه؛ فنصبتهما العرب على الصفا والمروة للاعتبار، فلما طال الزمان عُبدا من دون الله؛ فلما تمكن المسلمون أزالوا هذه الصور كلها وطمسوها.
ولما دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- الكعبة المشرفة وجد فيها صورة لإبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام؛ فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- بماء فمحا تلك الصور، وقال: قاتل الله المشركين، والله ما استقسما بها قط الأزلام رجس من عمل الشيطان -كما ذكر الله تعالى-؛ فلم يكونا يستقسمان بها، ولكن المشركين يحبون أن تكون هناك شيء من الصور، ومن الآثار التي يريدون التذكر بها والتعظيم لها.
وكذلك أيضا لما فتح الله تعالى على النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين مكة أرسل إلى الأوثان التي حولها من أشجار وبنايات وحجارة ونحوها؛ كـ اللات التي في الطائف وكانت صخرة على قبر رجل فأمر بتحطيمها، والعزى شجرة في وادي نخلة بين مكة والطائف ومناة التي بوادي قديد وذو الخلصة، وما أشبهها. ما أبقى على آثار المشركين شيئا، ما أبقى عليها أبدا ولا تركها، بل بادر إلى إزالتها وإلى محوها؛ وذلك لأنها تكون سببا في عبادة غير الله؛ عبادة تلك الصور وتعظيمها.