محاضرة في أحكام التصوير
أثر الصور في حدوث الشرك
ودليل ذلك أن أول شرك حدث في جنس الإنسان ما فعله قوم نوح اسم> قبل أن يأتيهم نوح اسم> كان هناك قوم صالحون: ود اسم> وسواع اسم> ويغوث اسم> ويعوق اسم> ونسر اسم> كانوا رجالا صالحين، ولما ماتوا أوحى الشيطان إلى أهليهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها صورا وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد.
فلما مات أولئك ونُسي العلم عُبدت، أوحى الشيطان إليهم أن يعكفوا على قبورهم؛ فعكفوا على القبور، ثم بعد مدة جاءهم وقال: صوروا صورهم من حجارة أو من خشب، وانصبوها على القبور، أو انصبوها في المجالس؛ فصوروا صورهم، وبقيت تلك الصور مدة، الذين نحتوها يعلمون أنها صور.
جاء الشيطان إلى مَن بعدهم، وقال: إن من قبلكم كانوا يعبدونهم، يدعونهم، فإذا دعوهم أغيثوا وأجيبت دعوتهم؛ فكان ذلك سببا في أنهم عبدوا تلك الأصنام، وسموها آلهة، رسم> وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا قرآن> رسم> ثم إن العرب والمشركين توارثوا هذه الأصنام.
وكذلك أيضا في قوم إبراهيم اسم> كانوا ينحتون أصنامهم على صور رجال، ينحتونها من خشب، وينصبونها ويسمونها آلهتهم. ولما أن الله تعالى بصَّر إبراهيم اسم> ؛ بصره بما بصره به؛ عزم على أن يحطمها، فقال: رسم> وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ قرآن> رسم> فلما خرجوا وتأخر عنهم وقال: رسم> إِنِّي سَقِيمٌ قرآن> رسم> رسم> فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ قرآن> رسم> -تلك الصور- وقد جعلوا عندها طعاما رسم> فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ قرآن> رسم> يخاطب تلك الصور التي هي من خشب: رسم> مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ قرآن> رسم> لماذا لا تتكلمون؟! فعند ذلك أخذ فأسا، وحطم تلك الصور إلا كبيرها رسم> فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ قرآن> رسم> وعلق الفأس على ذلك الكبير.
فلما رجعوا -وإذا صورهم قد كسرت- رسم> قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قرآن> رسم> ؛ فذُكر لهم إبراهيم اسم> فأتوا به على أعين الناس ليشهدوا عليه. فلما رسم> قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا قرآن> رسم> ؛ فأنكر ذلك من باب التوبيخ لهم، و رسم> قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ قرآن> رسم> قولوا لهم: من الذي حطمكم؟! إذا كانوا ينطقون ويتكلمون. وكل ذلك من باب السخرية.
وهذا دليل على أن الأصل في عبادة الأصنام هو نحتهم لتلك الصور؛ سواء كانت من خشب ينحتونها على صور قوم صالحين، أو كانت من حجارة ينحتونها.
فهذه الحجارة التي هي حجارة قديمة؛ قيل: إنها على عهد بوذا اسم> الذي يدين بديانته هؤلاء البوذيون، الذين هم خلق كثير على هذه الديانة الباطلة، قيل: إنهم يقدرون بستمائة مليون يدينون بهذه الديانة، ويعظمون هذه الصور. فنقول: ما الفائدة من إبقاء هذه الصور الحجرية في بلاد يحكمها المسلمون؟! إذا كان الذين يعبدونها هم هؤلاء البوذيون، فما فائدة بقائها؟!
كذلك أيضا سمعنا أن بعض الدول التي تتسمى بالإسلام كالإيرانيين يقولون: اتركوها في ولايتنا، ونحن نعوضكم عنها أو ما أشبه ذلك، يريدون بذلك أن يجنوا من ورائها ما يجنون من الأموال، أو أنها أيضا معظمة عندهم، وهذا كله من تعاون المشركين بعضهم مع بعض رسم> الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ قرآن> رسم> يقول الله تعالى: رسم> وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ قرآن> رسم> .
فإذا عرفنا أن هذه الضجة إنما هي لأجل أمور شركية أو نحوها فلا يستغرب. لا يستغرب من المشركين أن يقوموا وأن يتناصروا، وأن يؤيد بعضهم بعضا، ولو كانوا يتسمون بأنهم مسلمون.
مسألة>