إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
محاضرة في أحكام التصوير
4143 مشاهدة
أثر الصور في حدوث الشرك

ودليل ذلك أن أول شرك حدث في جنس الإنسان ما فعله قوم نوح قبل أن يأتيهم نوح كان هناك قوم صالحون: ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر كانوا رجالا صالحين، ولما ماتوا أوحى الشيطان إلى أهليهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها صورا وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد.
فلما مات أولئك ونُسي العلم عُبدت، أوحى الشيطان إليهم أن يعكفوا على قبورهم؛ فعكفوا على القبور، ثم بعد مدة جاءهم وقال: صوروا صورهم من حجارة أو من خشب، وانصبوها على القبور، أو انصبوها في المجالس؛ فصوروا صورهم، وبقيت تلك الصور مدة، الذين نحتوها يعلمون أنها صور.
جاء الشيطان إلى مَن بعدهم، وقال: إن من قبلكم كانوا يعبدونهم، يدعونهم، فإذا دعوهم أغيثوا وأجيبت دعوتهم؛ فكان ذلك سببا في أنهم عبدوا تلك الأصنام، وسموها آلهة، وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ثم إن العرب والمشركين توارثوا هذه الأصنام.
وكذلك أيضا في قوم إبراهيم كانوا ينحتون أصنامهم على صور رجال، ينحتونها من خشب، وينصبونها ويسمونها آلهتهم. ولما أن الله تعالى بصَّر إبراهيم ؛ بصره بما بصره به؛ عزم على أن يحطمها، فقال: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فلما خرجوا وتأخر عنهم وقال: إِنِّي سَقِيمٌ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ -تلك الصور- وقد جعلوا عندها طعاما فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ يخاطب تلك الصور التي هي من خشب: مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ لماذا لا تتكلمون؟! فعند ذلك أخذ فأسا، وحطم تلك الصور إلا كبيرها فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ وعلق الفأس على ذلك الكبير.
فلما رجعوا -وإذا صورهم قد كسرت- قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ؛ فذُكر لهم إبراهيم فأتوا به على أعين الناس ليشهدوا عليه. فلما قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا ؛ فأنكر ذلك من باب التوبيخ لهم، و قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ قولوا لهم: من الذي حطمكم؟! إذا كانوا ينطقون ويتكلمون. وكل ذلك من باب السخرية.
وهذا دليل على أن الأصل في عبادة الأصنام هو نحتهم لتلك الصور؛ سواء كانت من خشب ينحتونها على صور قوم صالحين، أو كانت من حجارة ينحتونها.
فهذه الحجارة التي هي حجارة قديمة؛ قيل: إنها على عهد بوذا الذي يدين بديانته هؤلاء البوذيون، الذين هم خلق كثير على هذه الديانة الباطلة، قيل: إنهم يقدرون بستمائة مليون يدينون بهذه الديانة، ويعظمون هذه الصور. فنقول: ما الفائدة من إبقاء هذه الصور الحجرية في بلاد يحكمها المسلمون؟! إذا كان الذين يعبدونها هم هؤلاء البوذيون، فما فائدة بقائها؟!
كذلك أيضا سمعنا أن بعض الدول التي تتسمى بالإسلام كالإيرانيين يقولون: اتركوها في ولايتنا، ونحن نعوضكم عنها أو ما أشبه ذلك، يريدون بذلك أن يجنوا من ورائها ما يجنون من الأموال، أو أنها أيضا معظمة عندهم، وهذا كله من تعاون المشركين بعضهم مع بعض الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يقول الله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ .
فإذا عرفنا أن هذه الضجة إنما هي لأجل أمور شركية أو نحوها فلا يستغرب. لا يستغرب من المشركين أن يقوموا وأن يتناصروا، وأن يؤيد بعضهم بعضا، ولو كانوا يتسمون بأنهم مسلمون.