لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
مسائل الجاهلية
4175 مشاهدة
مسائل الجاهلية

.... آله وصحبه، أما بعد: حيا الله شيخنا الشيخ عبد الرحمن بن جبرين حفظه الله، وحَيَّا الله الحاضرين في حلقة مباركة، وفي موضوعٍ يتعلق بالجاهلية، ومسائل الجاهلية، يُتْحِفُنا شيخنا الذي أسأل الله أن يجعلنا وإياه ممن طال عمره، وحسن عمله، وأن يجعلنا وإياه مفاتيح للخير، مغاليق للشر، إنه ولي ذلك والقادر عليه، فليتفضل مشكورا مأجورا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله مساءكم بكل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الجاهلية: ما قبل الإسلام، أحوال العرب المشركين، وأحوال اليهود والنصارى وغيرهم من أهل الأديان التي قبل الإسلام، وسُمُّوا جاهليين لكثرة جهلهم، أو لأن أعمالهم صادرة عن جهل، والجهل هو ضد العلم، وذكر العلماء أن الجهل ينقسم إلى قسمين:
-جهل بسيط.
-وجهل مُرَكَّب.
والجهل الْمُرَكَّب أشد، وهو أن يعتقد أنه عالم مع أنه جاهل! يظن أنه ذو علم، وليس بذي علم، بل هو جاهل لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري! وفيه يقول الشاعر:
لما جـهلتَ جـهلتَ أنك جـاهــلٌ
جَهْلًا وجهل الجهــلِ داءٌ مُعْضِـلُ
جَهْلُ الْجَهْلِ يعني الجهل بأنه من أهل الجهل، ويقول آخر:
ومن أعجب الأشيـاء أنك لا تـدري
وأنك لا تدري بأنـك لا تــدري
أي تعتقد أنك عالم، وأنتَ لست بعالم، ويُطْلَقُ على مَنْ فعل شيئًا بغير علم أنه جاهل، أو مُتَجَاهِلٌ، ويقول أحد الجاهليين:
ألا لا يجهلـنْ أَحَـــدٌ علينــا
فَنَجْهَلَ فـوق جهـل الجاهلينــا
عَبَّرَ بالجهل هاهنا عن التمادي في الفعل الذي لا مُبَرِّرَ له، ولا سبب له.
وذُكِرَ أو نُقِلَ عن أحد علماء اللغة الخليل بن أحمد أنه قال: الناس أربعة:
أولهم: عالمٌ، ويدري أنه عالم، فهذا كامل فَسَوِّدُوُه.
الثاني: عالم، ولا يدري أنه عالم، فهذا غافلٌ فَنَبِّهُوه.
الثالث: جاهل ويدري أنه جاهل فهذا مُسْتَرْشِدٌ فأرشدوه.
الرابع: جاهل، ولا يدري أنه جاهل، فهذا مائقٌ فاتركوه.
ثم إن الجهل هو الجهل بالعلم الشرعي ولو كان الإنسان عنده علومٌ جديدةٌ من العلوم المتجددة كصناعة أو حِرْفة أو هندسة أو علم جديد فإنه لا يُسَمَّى عالمًا حتى يكون عالمًا بالشرع، بل يسمى جاهلا. الجهل الحقيقي هو: الجهل بأحكام الشريعة، والعلم بها يُسَمَّى علمًا ولو لم يعرف العلوم الأخرى، بل قد يكون بعض العلوم الأخرى ضررها محقق، كعلم منطق، وعلم تقويم، كما يقولون، وما أشبه ذلك فإن مثل هذه العلوم لا تزيد الإنسان شرفًا عند الله تعالى، وإن كانت مما قد يُحْتَاج إليه في الحياة الدنيا كالعلم بالْحِرَف.
الْحِرَف والصناعات العلم بها لازم للأمة لحاجتهم إليها، ولكن لا تُسَمَّى في الحقيقة علما، وذلك لِأَنَّ الله تعالى نَدَّدَ بالْكُفَّار بأنهم يعلمون علومًا دُنْيَوِيَّة في قوله تعالى: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ .
فأثبت أنهم لا يعلمون، ولو أنهم مُفَكِّرُون، ولو أنهم عقلاء وأذكياء، ولو اخترعوا، ولو صنعوا، ولو عملوا الْحِرَف والصناعات الجديدة، فلا نُسَمِّيهم علماء، بل إنهم جهلة.
هذه مقدمة بين يَدَيِ الدخول في الموضوع.