إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
محاضرة في حقيقة الالتزام
4894 مشاهدة
محاضرة في حقيقة الالتزام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، نحمد الله ونشكره، ونثني عليه ونستغفره، ونشهد أن لا إله إلا هو، هو ربنا عليه توكلنا وإليه ننيب، ونحمده سبحانه على أن هدانا للإسلام، على أن هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ونحمده سبحانه على أن أقبل بقلوب شبابنا إلى طاعته، وإلى الالتزام بشريعته، وإلى تطبيق واتباع سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
ونتفاءل بما نسمع وبما نرى من هذا الإقبال على الدين، وعلى العلم، وعلى الشرع، وعلى التطبيق لدين الله سبحانه وتعالى، ونتذكر أن هذا من إقبال الدين الذي ورد فيه الحديث بلفظ: إن لهذا الدين إقبالا وإدبارا، وإن من إقباله أن تفقه العشيرةُ بأسرها, فلا يبقى فيها إلا المنافقُ والمنافقان، فهما مخذولان ذليلان مَهينان، إن تكلما طُرِدَا واضطهدا وأُبعدا، وإن من إدبار هذا الدين أن تجفو العشيرة بأسرها, حتى لا يبقى فيها إلا العالمُ والعالمان، والفقيهُ والفقيهان؛ فهما ذليلان مقهوران .
وقد كنا قبل ثلاثين أو أربعين سنة نكاد أن نيأس, ونقطع الرجاء؛ لما نراه من الأسباب التي تبعد عن الإسلام وعن الدين، ولما نراه من الجفوة ومن الإدبار، ومن السخرية والاستهزاء حتى في المتعلمين والمتفقهين، ولكن -والحمد لله- رأينا أن إقبال هذا الشباب على التمسك، وعلى الالتزام بالشرع، وعلى الاستقامة أن ذلك حصل له أثر بليغ، وكان من أثره هذه الصحوة الإسلامية، وهذا الإقبال على الإسلام وعلى الشريعة، وهذا التمسك بالدين، وهذه الاستقامة على الحق؛ فذلك مما يبشر بخير.
وحيث اختير لنا أن نتكلم على حقيقة الالتزام, أو كيفية الاستقامة وحقيقتها؛ فلا شك أن الالتزام كلمة عامة, تصدق على الالتزام بالشرع، والالتزام بغيره، ولأجل ذلك: الفقهاء يعبرون بكلمة الملتزم عن الذي يؤخذ عليه عهد أنه إما أن يعمل بأحكام الشريعة، وإما أن يُلزَم بها؛ فيدخل في ذلك الذميون الذين يلتزم معهم أن تطبق عليهم تعاليم الشريعة، يسمى أحدهم ملتزما.
ولكن اصطلح على أنها تطلق على المستقيم على الشرع، المتمسك به؛ وهذا هو الأولى أن نسمي المتدين نسميه: مستقيما، ونسميه: متمسكا بالشريعة, ونسميه: مطيعا لله, وعاملا بشريعته، ومتبعا لرسوله -عليه الصلاة والسلام- وهذا هو الواجب عليه، وهو ملتزم بذلك إن شاء الله.
أما حقيقة الالتزام: فمعروف أنها كون الملتزم يعمل بالسنة، كونه يستقيم على الشريعة، يعمل بها، وتعرفون أن الأعمال التي يعمل بها المتمسك والمستقيم إما أن تكون من الواجبات، وإما أن تكون من السنن، وإما أن تكون من نوافل العبادة, من نوافل الطاعات، وإما أن تكون من فروض الكفايات، كل هذه يتمسك بها الشاب الملتزم، فنذكرها على وجه المثال؛ حتى نعرف بذلك حقيقته، ثم نشير بعد ذلك إلى الحقيقة التي ينبغي أن يكون عليها.