اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
محاضرة بعنوان من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
11910 مشاهدة
محاضرة بعنوان من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نسأل الله التوفيق والإعانة والتسديد والهداية إلى الصواب، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن غفلاتنا، ومن سيئات أعمالنا.
وبعد:
أيها الإخوة: لقد سرني ما رأيت من هذا الإقبال ومن هذا التقبل؛ الذي يدل -إن شاء الله- على محبة للخير، ومحبة للعلم، ومحبة ..لأهله؛ فأقول: هنيئا لكم أن كنتم من أهل دين الإسلام الذي اختاره الله تعالى لهذه الأمة، فقال تعالى: وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا وهنيئا لكم أن كنتم من أهل العقيدة السلفية الصحيحة؛ التي هي طريقة الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة؛ أهل السنة والجماعة، وهنيئا لكم أن كنتم من أهل التوحيد؛ الذي هو حق الله على العبيد، الذي هو إخلاص الدين لله سبحانه وتعالى، وهنيئا لكم أن كنتم من أهل الاستقامة الذين استقاموا على طريقة الله، وعلى دين الله سبحانه وتعالى، وسلموا من الانحراف، وسلموا من كبائر الذنوب، وسلموا من محقراتها، وسلموا من المحرمات ومن ترك الواجبات.
وهنيئا لكم أيضا هذه البلاد الطيبة التي فيها حياة سعيدة، وحياة مطمئنة، فيها أمن ورخاء، وفيها أمن واطمئنان، وفيها سرور وحبور؛ لا خوف ولا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة، ولا عدو ولا أمراض ولا عاهات. لا شك أنها نعم كبيرة، نعم عظيمة؛ على المسلم أن يحمد ربه أن جعله من أهل هذه الخيرات، وأن وفقه للأعمال الصالحة.
ثم إني أوصيكم بوصايا رجاء أن يعم نفعها، فأوصيكم باستغلال الأوقات وحفظ أوقات الفراغ، وشغله بالأعمال الصالحة التي يحبها الله تعالى ويرضاها، في هذه الإجازة لا شك أن هناك فراغا كثيرا عند الطلاب وعند المعلمين والموجهين ونحوهم، هذا الفراغ لا بد أن الشاب يغتنمه وينتهز الفرص، وهكذا أيضا من كان عنده وقت فراغ في وقت من الأوقات فإن من الأهم أن يشغل أوقاته بما ينفعه، وذلك لأنه مسئول ومحاسب على أوقاته كيف شغلها. قال الله تعالى: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به جعل سؤالين عن العمر، فينبغي أن يحاسب الإنسان نفسه، وأن يعرف كيف يقضي وقته، في أي شيء يشغل شبابه، وفي أي شيء يقضي عمره، وفي أي شيء يقضي أوقات فراغه.
ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك، ودنياك قبل آخرتك وفي رواية: غناك قبل فقرك اغتنم هذه الخمس؛ إذا كنت فارغا فاغتنم أوقات الفراغ، قبل أن يأتي ما يشغلك، وقبل أن تفوت عليك الفرص فلا تتمكن من استغلال الوقت وقد تقلص وذهب.
وكذلك بقية الخمس: اغتنم فراغك قبل شغلك، اغتنم صحتك قبل سقمك، اغتنم غناك قبل فقرك، اغتنم حياتك قبل موتك. وذلك لأن هذه لا بد أنها تتغير، فلا بد أن يتغير الغنى إلى الفقر عادة، فإذا كان الإنسان في غناه استغل وقته وأنفق مما أعطاه الله تعالى في وجوه الخير، فإنه يحمد العاقبة، وإذا كان الإنسان في حال فراغه اشتغل بما ينفعه، فإنه يكون قد استغل وقته.
وإذا كان الإنسان في صحته اغتنم الصحة، وعلم أنها قد تتغير، قد يتغير الوقت، وإذا كان الإنسان –مثلا- في شبابه علم أنه يعقب الشباب هرم، فيغتنم شبابه قبل هرمه، وصحته قبل سقمه، وغناه قبل فقره، ودنياه قبل آخرته، وحياته قبل موته؛ يغتنم حياته حتى يعمل فيها الأعمال الصالحة التي يجد أجرها عند الله تعالى؛ هذه وصية؛ وهي اغتنام أوقات العمر، وشغلها بالشيء الذي يفيد الإنسان في حياته.