جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
محاضرة بعنوان من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
18232 مشاهدة print word pdf
line-top
فضل الصلاة

ووصية ثانية: وهي داخلة في الوصية الأولى، ألا وهي: الاجتهاد في عبادة الله عز وجل، وذلك لأن الإنسان مخلوق ليعبد الله: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فإذا علم بأنه خلق للعبادة، وأن وقت العبادة هو وقت هذه الحياة الدنيا؛ فإن عليه أن يجتهد في هذه العبادة التي خلق لها، والتي أمر بها، فإذا اجتهد في ذلك فإنه يكون أهلا للسعادة، وحريا أن يقبل الله منه، وأن يساعده ويعينه، وأن يعظم له الأجر والمثوبة، وأن ييسر له اليسرى، ويجنبه العسرى.
وأقف قليلا عند العبادة فأقول: إن عبادة الله تعالى هي فعل الأوامر وترك النواهي، وإن ربنا سبحانه وعد بالثواب والأجر على من أطاعه بفعل الأوامر، وعلى من أطاعه بترك الزواجر، وأنه يثيب على ذلك، يثيب على الترك كما يثيب على الفعل، فيجتهد المسلم في ذلك كله.
فمن العبادات المحافظة على الصلوات؛ فرضها ونفلها، فإنها عبادة بدنية محضة، وهي من أهم القربات؛ فإذا واظب المسلم على أدائها في مواقيتها، وحرص على أن لا يفوته منها شيء، ثم تقرب إلى الله -عز وجل- أيضا بما يتيسر له من نوافل العبادة؛ تقرب بالرواتب والسنن التي قبل الفرائض وما بعدها، وتقرب بما يتيسر له من قيام الليل التهجد الذي رغب الله تعالى فيه ومدح أهله، وتقرب أيضا بما يتيسر له من صلاة في وسط الضحى وما أشبه ذلك؛ فإنه يعتبر قد أخذ حظا من هذه العبادة التي هي قرة العين للمؤمنين ولنبيهم -صلى الله عليه وسلم- وبذلك يكون قد أخذ حظا من العبادة التي يحبها الله تعالى، والتي تعبد عباده بها.
هذه العبادة فيها عبادة أقوال وعبادة أفعال؛ ففيها عبادة أقوال كالتكبيرات، والتسبيح والقراءة والدعاء، وسائر الأذكار، هذه عبادة أقوال يقولها العبد، ويرجو بقولها ثواب الله سبحانه وتعالى؛ تسبيحه في الركوع والسجود، وثناؤه على الله بعد الرفع من الركوع، ودعاؤه بالمغفرة بين السجدتين، وتكبيراته في التنقل، وقراءته؛ كلها أذكار، وكلها أدعية، وكلها عبادة قولية يثيبه الله تعالى عليها، ويعظم له الأجر.
كذلك العبادات الفعلية التي هي الركوع والسجود، والقيام والقعود، والخضوع فيها والخشوع، وحركات اليدين الذي أمر بهما، وكذلك انشغال بقية البدن؛ لا شك أن هذا كله من العبادات التي يحبها الله تعالى، وجعلها مظهرا لعباده، مظهرا من مظاهر العبادة، فإذا واظب العبد عليها اعتبر قد فعل فعلا يحبه الله تعالى.

line-bottom