شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
محاضرة في أحكام التصوير
4677 مشاهدة
خلو المملكة من التماثيل والأوثان

دولتنا -والحمد لله- منزهة عن مثل هذا؛ فليس فيها شيء من هذه المعابد، ولا من هذه الأصنام وما أشبهها.
لما توسعت الدولة في عهد الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود -رحمه الله- كان من توسعهم أن وصلوا إلى حدود العراق وهدموا ذلك الصنم الذي يدعي الرافضة أنه قبر الحسين ويسمونه كربلاء وكذلك الآخر الذين يسمونه النجف الذي يدعون أنه قبر علي فلما قويت هذه الدولة هدموا ذلك الصنم وأزالوا آثاره.
وكان الرافضة والمشركون ونحوهم قد غضبوا غضبا على هذه الدولة، وأرسلوا منهم واحدا أظهر أنه متعبد وأنه متدين، وصار دائما لا يخرج من المسجد إلا قليلا؛ فوثق به الإمام عبد العزيز -رحمه الله- فغدر به واحتال في أنه قتله، فقُتل ذلك الرافضي -عليه من الله ما يستحقه-.
هذه غيرة أولئك على هذه الأصنام، يعني أوحى الشيطان إليهم، وقال: إن هذا قبر الحسين مع أن الحسين قد أخفيت جثته ولا يدرى أين دفن، ولكن الشيطان زين لهم وقال لهم: إنه هذا. وكذلك أيضا أوحى إليهم وقال: إن هاهنا دفن علي مع أن عليا لما دفن أخفي قبره؛ خوفا عليه من الخوارج أن ينبشوه؛ فأخفي قبره، ولا يدرى أين هو.
ويذكر بعض المؤرخين أن هذا الصنم -الذي يدعون أنه في النجف أنه قبر علي - إنما هو قبر المغيرة بن شعبة وقيل غيره. ولكن هؤلاء ممن يعظمون ما يهوونه، ويرتكبون هذه الشركيات التي زينها الشيطان لهم.
فنقول: إن المسلمين متى استولوا على شيء من هذه الأصنام، وهذه الصور المنحوتة المصورة التي يخشى أنها تنقلب أصناما كما فعل أهل العراق وغيرهم -أن يزيلها المسلمون ولا يبقوها.
لما أسلم أهل الطائف طلبوا من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يمتعهم بالطاغية لمدة سنتين؛ يعني اللات؛ لأنهم قد ألفوها، فقال: لا. فتنزلوا إلى سنة، فامتنع. فنزلوا إلى شهرين وإلى شهر، فقال: لا. ولا يوما. ولما أرسل إليها من يهدمها ظنوا أن الذي يهدمها سيُخبل؛ يصاب بالجنون، أو يصاب بخبل، تنتقم منه هذه الطاغية. ولم يصبه بأس.
وكذلك أيضا في عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- كان في الجبيلة قبر أوحى الشيطان إليهم أنه قبر زيد بن الخطاب ؛ لأنه قتل مع خمسمائة من المجاهدين من القراء أو أكثر من خمسمائة، ولما جاء في القرن العاشر -أو نحوه- وسوس لهم الشيطان وقال: إن هذا قبر زيد فبنوا عليه، وصاروا يعبدونه، وصاروا ينذرون له، ويطوفون حوله ويعظمونه.
فلما ألهم الله الشيخ -ألهمه هذا الدين وهذا التوحيد- عند ذلك أمر بهدم ذلك البناء الذي على هذا القبر ولكن امتنعوا. كان أولا يحضر معهم؛ فإذا قالوا: يا زيد اغفر لنا، يا زيد ارحمنا، يا زيد انصرنا؛ يقول -وهم يسمعون- الله خير من زيد الله أقدر من زيد الله أبقى من زيد الله أغنى من زيد الله أقوى من زيد ما يقدرون على أن يكذبوه؛ كلهم يعترفون بأن الله تعالى هو القوي، وأن زيدا مخلوق، وأن الله تعالى حي لا يموت، وأن زيد قد مات.
ولما عزم على هدم بناء عليه ظنوا أن من هدم البناء سيصاب بخبال؛ سيخبل أو يجن؛ فقال: أنا أبدأ. فبدأ بهدم البناء عليه، ولما رأوا أنه لم يصبه شيء ساعده تلاميذه فهدموه. وأشباه ذلك كثير. وبكل حال هذا هو الذي اشتهرت هذه الفعلة بسببه؛ يعني ضجت الدول لأجل هذه الأصنام.