الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
الحج منافعه وآثاره
16254 مشاهدة print word pdf
line-top
سابعا: منافع يوم التروية

لا شك أن مناسك الحج كلها عبادة لله تعالى, وتعظيم لشعائره, فالحجاج مدة مقامهم بمكة مأمورون بذكر الله وشكره, وحسن عبادته, فهم بعد أن يقْدُموا مكة قد يتحللون من إحرامهم إن كانوا متمتعين, وينشغلون بعد التحلل بأنواع من العبادة: كالطواف تطوعا, والصلاة في المسجد الحرام وكثرة الذكر, والتكبير المطلق في الأيام المعلومات, وهي أيام عشر ذي الحجة, امتثالا لقوله تعالى : وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ .
ولا شك أن ذلك مما يزيدهم إيمانا وتقوى, ويحبب إليهم الطاعة وأنواع العبادة, ويكرّه إليهم المعاصي والمخالفات, فإذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة, أحرموا بالحج, بعد أن تمتعوا بتناول المباحات بين العمرة والحج, وأعطوا أنفسهم بعض شهواتها التي تستعين بها على الطاعة, وتعرف بها تمام نعمة الله تعالى؛ فبعد أن جددوا الإحرام في هذا اليوم, تقربوا إلى ربهم مرة أخرى بترك هذه المباحات, وفطموا أنفسهم عن هذه المشتهيات, وجددوا التلبية, رفعوا أصواتهم بالإهلال, متذكرين ما شُرع لأجله هذا الإحرام, متفكرين في حالهم وما يعملونه فيما بعد.
ثم في ذلك اليوم يتوجهون إلى منى وهي أحد المشاعر التي تؤدى فيها بعض مناسك الحج, ويقيمون فيها ذلك اليوم والليلة التي تليه, وهي ليلة عرفة وفي هذا المكان يشتغلون بالذكر والتكبير والتلبية, والدعاء والابتهال, وهو أول أيام سفرهم إن كانوا من أهل مكة ؛ ولذلك يصلون في هذا المكان الصلوات الخمس في مواقيتها, ويقصرون الرباعية, ويبدءون بالتلبية بعد كل صلاة.
ولا شك أن عملهم هذا من أفضل القربات؛ ففيه أنهم نزلوا فيه كالمسافرين, وعلموا أنه ليس مستقرا لهم; بل سوف يرحلون عنه بعد قليل, متذكرين به الرحيل من الدنيا, وفيه اعتبار جميع الحجاج مسافرين, متذكرين بذلك سفر الآخرة؛ حيث إن الدنيا كلها دار ظعن وارتحال, وإن الناس فيها سائرون إلى آجالهم, ثم إن هذا المبيت بمنى في مساء يوم التروية سنة مؤكدة, يحافظ عليها الحجاج لإكمال مناسكهم, مقتدين في ذلك بنبيهم -صلى الله عليه وسلم- في مبيته ورحيله ومنازله, فيحرصون على اتباعه, والتقيد بما جاء عنه.
وهكذا يبقون في منى إلى صبح يوم عرفة فبعد الصباح وطلوع الشمس يرحلون مرة أخرى إلى عرفة ثم يواصلون أعمالهم إلى آخر مناسكهم.
ولا شك أن الأكثر الذين يفرطون في يوم التروية, ويتجاوزون منى متوجهين إلى عرفة مخلِّين بهذا العمل المؤكد, تاركين لهذه السنة النبوية, قد فاتهم خير كثير, وإن لم يُخلّ بمسمى الحج, والغالب أن الذين يتركون المرور بمنى يوم التروية, والمبيت بها ليلة عرفة هم من الجهلة الغرباء, وأن الذين زينوا لهم ذلك هم المطوِّفون, الذين يتساهلون في هذا العمل, ويعتبرونه شاقا عليهم, فيتتبعون الرخص، موهمين هؤلاء الجهلة أن الصواب معهم, وكان على وزارة الحج الأخذ على أيديهم, وإلزامهم بتكميل المناسك, والمستحبات, والله المستعان.

line-bottom