تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
الحج منافعه وآثاره
11612 مشاهدة
ثانيا: منافع الإحرام

عندما يقبل المسلم إلى المواقيت التي حددها النبي -صلى الله عليه وسلم- المحيطة بالحرم يعرف أنه قرب من هذا المكان الذي أمر الله تعالى بالتوجه إليه في قوله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ فإذا أتى وقرب من هذه الأماكن المقدسة استعد لذلك, فأولُ عمل يقوم به هو أن يتجرد من ثيابه المعتادة, ويلبس ثيابا خاصة.
ما هي المنفعة من هذا اللباس الذي يشبه لباس الموتى؟!
من هذه المنافع أنه يتذكر الانتقال من الدنيا! وأنه هكذا يخرج منها. فيخاطب نفسه قائلا : فأنا الآن قد خلعت زينتي, وخلعت لباسي, وجميع ما كنت أتجمل به, وارتديت رداء ألقيته على ظهري, وإزارا سترت به عورتي, فهذا يذكّرني بالحال الأخروية, ويذكّرني بالدار الآخرة, ويذكّرني بالانتقال من الدنيا.
ومن المنافع اتفاق الحجاج كلهم على هذا اللباس, لا فرق بين غنيّهم وفقيرهم! وبين أسودهم وأحمرهم وأبيضهم! وبين صغيرهم وكبيرهم! كل الرجال على حال واحد! لا شك أن ذلك يفيد أن الناس كلهم على حدٍّ سواء, مستوون عند الله سبحانه وتعالى, بمعنى أنهم في الحق سواء, وأنهم في العبودية سواء.
عند ذلك يشعر الغني أنه مساوٍ لغيره, لا فرق بينه وبين الفقراء, فيحمله ذلك على أن يتعاطف معهم, ويحسن إليهم, ويواسيهم, ويعلم أنه وإياهم أخوة, وأنهم متساوون في حق الله تعالى وفي حق عبادته.
ويحمله ذلك أيضا على أن يتواضع لله ولا يتكبر, ولا يغترَّ بنفسه إذا علم بأن جميع المسلمين على حد سواء في هذه الحال, فيزول ما بين المسلمين من البغضاء.
وَصَفَتِ المودة في قلوبهم واجتمعت كلمتهم, فتآلفوا وتعارفوا وتقاربوا في ذات الله سبحانه وتعالى, فكان ذلك سببا لتعاونهم التعاون المطلوب؛ الذي هو التعاون على البر والتقوى, والتعاون على تنفيذ حقوق الله, وحدود الله, والتعاون على جبر الضعفاء, وعلى جبر المنكسرين ونحو ذلك. تشاهدهم يوم عرفة على هيئة واحدة, كاشفين رءوسهم, مرتدين هذه الأردية, مؤتزرين بهذه الأزر, كلهم على حد سواء, فتقول :
أين الأمير من المأمور؟!
أين الغني من الفقير؟!
أين الكبير من الصغير؟!
لا فرق بينهم.. كلهم على حال واحدة متساوون.
لا شك أن لهذه الحكمة منافع عظيمة, وهي أنهم يتحابون في ذات الله, ويتقاربون, ولا يحتقر بعضهم بعضا, ولا يزدري بعضهم بعضا, ولا يتكبر بعضهم على بعض, بل يكونون جميعا متآلفين ومتحابين في ذات الله سبحانه وتعالى, ولو كان بعضهم أغنى, أو أرفع رتبة, أو أشرف أو أسن, فالفرق بينهم إنما هو بالتقوى : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ .