القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
الحج منافعه وآثاره
13914 مشاهدة print word pdf
line-top
المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة حق نلقى الله تعالى بها.
ونشهد أنه هو إلهنا وربنا وخالقنا، وأنه تعبّدنا وفرض علينا أن نعبده، ونحمده ونشكره، ونذكره ونعترف له بالفضل والامتنان، ونسأله سبحانه أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
ونصلي ونسلم على عبده ورسوله محمد بن عبد الله الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله، ونشهد أنه بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وبيّن للأمة ما تحتاج إليه، فبين لهم أحكام عباداتهم، وبلغ ما أرسل به، واستشهد أصحابه رضي الله عنهم في حجة الوداع بقوله: ألا هل بلغت فقالوا: نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت .
فشهدوا له بالبيان والبلاغ والنصح، فصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واتبع طريقه.
أما بعد أيها الأخوة... وأيها الشباب:
إننا جميعا نرجو -إن شاء الله- أن نكون من المتحابين في الله، والمتزاورين في الله، والمتجالسين والمتعارفين في الله، الذين يغبطهم أولياء الله على ما بينهم من المحبة والمودة، التي لم يكن الباعث لها مجرد المعرفة أو الصلة أو الصداقة، ولكن الباعث لها هو المحبة في الله والمحبة لله.
المحبة التي حمل عليها دين الإسلام، الذي هو عبادة الله وحده، فنحب الله تعالى، ونحب كل من يحب الله، ونحب أهل طاعته سبحانه وتعالى.
وإن هذه المحبة في ذات الله تقتضي النصيحة والبيان، والإرشاد والتوجيه، فكل من أحب أخاه، نصحه ووجهه، ودله على طرق الخير، ولا شك أن من جملة ذلك أمور العبادة التي نحن متعبّدون بها.
ولعل من أهمها وأجلها أداء مناسك حج بيت الله الحرام، وبمناسبة أننا في أشهر الحج، التي ذكرها الله في قوله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ وقد بين العلماء هذه الأشهر فقالوا بأنها شهران وعشرة أيام، وهذه الأشهر هي التي يشرع للحاج الإحرام والحج فيها.
ومن المناسب أن نذكر شيئا من منافع هذا الحج، ومن منافع هذه المناسك التي يُحْرِم بها المسلمون، ويتقربون بها إلى الله، والتي بينها نبينا -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، وقال: خذوا عني مناسككم .
ولا شك أن هذا الحج الذي هو عبارة عن الإحرام والطواف والسعي وما يتصل به، هو أعمال بدنية، وأعمال قولية، وأعمال مالية.
وهذه الأعمال ونحوها ما شرعت إلا لعبادة الله، وما شرعت إلا للتزود من معرفة الله سبحانه وتعالى، وما شرعت أيضا إلا لمنافع عظيمة تفوق العد والحساب؛ ولأجل ذلك ذكر العلماء أن فيها منافع، واستدلوا بقول الله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ .
وقد بحث العلماء عن هذه المنافع فقالوا: لا بد أن تكون هناك منافع متعددة.
ولا شك أن أعظم المنافع كون العبد يتقرب إلى الله تعالى بهذه القربة وبهذا المنسك، ويطلب من الله تعالى الثواب والأجر، ويطلب منه أن يضاعف له أجره على ما يتجشم من مشقة وتعب ونصب، فذلك منفعة عظيمة؛ حيث أنه يترتب على ذلك ثواب عظيم.
وقد عدّد العلماء للحج منافع عدة: بدنية، ومالية، وثقافية، واجتماعية، وعلمية، ولا بد أن تجتمع هذه المنافع كلها في هذه المناسك، ولا بد أن يشعر بها من كان حقا من أهل المعرفة ومن أهل التأثر.
ولأهمية معرفة منافع الحج، والحكمة التي شرع من أجلها، فإننا نحب أن نذكر شيئا من هذه المنافع، علَّ الله أن ينفع بها.
نسأل الله أن يكتبها في ميزان أعمالنا إنه سميع مجيب، ونسأله تعالى أن يزيدنا من معرفته، ومعرفة أحكام عبادته، إنه هو السميع العليم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

line-bottom