إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
الحج منافعه وآثاره
12550 مشاهدة
تاسعا: منافع ليلة مزدلفة

لما أنه انتهى -صلى الله عليه وسلم- من الوقوف بعرفة بغروب شمس ذلك اليوم, بين أنه شرع لهم بعده الانصراف إلى المشعر الحرام وهو مزدلفة الذي أمر الله بالذكر فيه في قوله : فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ .
شرع لهم في تلك الليلة -التي هي ليلة مزدلفة - أن يبيتوا في ذلك المكان, وألا يغفلوا عن ذكر الله, وأن يبدءوا إذا وصلوا بالصلاة, ولا شك أن اهتمامهم بالصلاة -صلاة المغرب والعشاء- يدل على أهمية الصلاة في نفوسهم, ويدل على أنهم قد عظموا صلاتهم, وأنهم قد اهتموا بها؛ فلما أخروها في الطريق ووصلوا, بادروا وصلوها في أول وصولهم ، ثم اشتغلوا بالذكر وباتوا تلك الليلة, ثم أصبحوا وصلّوا الصبح مبكرين, ودعوا ربهم بعد الصباح.
كل هذه الأدعية لا شك أن فيها منفعة, وهي اشتغالهم بذكر الله الذي أمر الله به؛ حتى يكون ذكر الله مقارنا لهم دائما, وتكون ألسنتهم رطبة بذكر الله, ويكون ربهم معظَّما في قلوبهم بحيث لا يعصونه, ولا يتجرءون على معصيته في بقية حياتهم.