خطبة الجمعة أجوبة الأسئلة
خطبة الجمعة أجوبة الأسئلة
.. رسم> حَقَّ تُقَاتِهِ قرآن> رسم> ؛ أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر، واعلموا أن من تقوى الله تعالى ما أمر به عباده من الأخوة في الدين، ومن النصيحة ومن الإخلاص في المودة والمحبة، وإن من آثار ذلك الدلالة على الخير والتحذير من الشر، والبعد عن أسباب الأخطار ، والنصيحة التامة لكل مؤمن مسلم، ومحبة الخير للإخوة المسلمين، وتحذيرهم من الشرور ومن الآفات.
ولا شك أن هذا متى حصل فإن الأخوة تثبت في قلوب المؤمنين، وتزداد القلوب مودة ومحبة من بعضهم لبعض؛ ولذلك سماهم الله تعالى إخوة في دينه، فقال تعالى: رسم> إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ قرآن> رسم> هكذا أخبر بأنهم إخوة؛ يعني في دين الله سبحانه، وهكذا أيضا ذكرهم بنعمته عليهم في قول الله تعالى: رسم> وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ قرآن> رسم> .
ولا شك أن الاعتصام بحبل الله هو التمسك بالسنة النبوية التي حث عليها نبينا صلى الله عليه وسلم ورغب فيها في قوله صلى الله عليه وسلم: رسم> أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد؛ فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة متن_ح> رسم> .
قد يتمسك المؤمن بهذه السنة النبوية، وإن منها أن يحب لإخوته المسلمين ما يحبه لنفسه، كما أخبر بذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم بقوله: رسم> لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه متن_ح> رسم> ؛ يحب لأخيه الخير، يحب لأخيه النجاة والفلاح، يحب لأخيه السعادة الدائمة في الدنيا والآخرة؛ فينتج من ذلك أن ينصح لإخوانه.
وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله البجلي اسم> رضي الله عنه وذلك على: رسم> الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم متن_ح> رسم> هكذا أمره بأن ينصح لكل مسلم؛ أي يبين لهم الخير ويحثهم عليه، ويحذرهم عن الشر ويحذرهم عن أسبابه؛ وبذلك يكون ناصحا لهم.
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم النصيحة هي الدين في قوله: رسم> الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم متن_ح> رسم> .
وتتمثل هذه النصيحة في أشياء من الدين، فأولها: الوعظ والتذكير الذي أمر الله به في قوله تعالى: رسم> فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ قرآن> رسم> هكذا أمر نبيه بالتذكير، وهو أمر لكل مؤمن.
وفي قوله تعالى: رسم> فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ قرآن> رسم> أمره بأن يذكر الناس، وكذلك أخبر بالذين يتذكرون، ويقبلون الذكرى في قوله تعالى: رسم> فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى قرآن> رسم> هكذا أخبر بأن الذين يتذكرون ويقبلون الموعظة هم أهل التقوى الذين يتقبلون النصيحة ويتأثرون بها: رسم> سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى قرآن> رسم> هؤلاء هم أهل الخشية وهم أهل التقى وهم المؤمنون الذين ذكرهم الله بقوله: رسم> وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ قرآن> رسم> أي: المؤمنين الصادقين.
كذلك أمر أيضا بالوعظ والإرشاد والنصيحة والتخويف والتحذير ، وذلك يتمثل في الدعوة إلى الله في قول الله تعالى: رسم> وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ قرآن> رسم> فالدعوة إلى الخير هي الدعوة إلى الإسلام، الدعوة إلى الدين الحنيف، الدعوة إلى الطهارة طهارة القلوب وطهارة الأبدان، الدعوة إلى محبة المسلمين بعضهم لبعض، الدعوة إلى تحقيق الإسلام بفعل ما أمر الله وترك ما نهى عنه، فكل ذلك دعوة إلى الخير.
كذلك أمر بالموعظة في قوله تعالى: رسم> ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قرآن> رسم> فأمر في هذه الآية بثلاثة أشياء كلها من الدعوة إلى سبيل الله: رسم> ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ قرآن> رسم> أي: بكلام لطيف، بكلام لين؛ ليكون ذلك سببا للتأثر وسببا للقبول.
فالحكيم هو الذي يستعمل الأسلوب الحسن فلا يكون منفرا ولا يكون مؤيسا، كما أوصى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث بعض صحابته للدعوة إلى الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم: رسم> بشرا ولا تنفرا، يسرا ولا تعسرا، تطاوعا ولا تختلفا متن_ح> رسم> هذا من الأساليب التي ربى عليها صلى الله عليه وسلم صحابته الذين ساروا على نهجه.
يسرا أي: اسلكا سبيل اليسر ولا تعسرا على المسلمين، بشروهم بالخير ولا تنفروهم من الإسلام، ولا تنفروهم بالصعوبات التي تكلفوهم بها ما لا يطيقون، فكل ذلك من اليسر وكل ذلك من الحكمة التي أمر الله تعالى بها، والتي بعث بها نبيه صلى الله عليه وسلم؛ والتي أخبر بأنه يؤتيها من يشاء من عباده: رسم> يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا قرآن> رسم> .
فالحكمة: الكلام اللين الذي وصف الله تعالى به نبيه -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: رسم> فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ قرآن> رسم> أخبر بأنه كان صلى الله عليه وسلم لين الكلام لين القول لين الفعل، لا ينفر صحابته، ولا يشرع لهم شيئا فيه صعوبة، كما وصفه الله تعالى بذلك فقال تعالى: رسم> لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ قرآن> رسم> .
رسم> عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ قرآن> رسم> أي: شاق عليه الشيء الذي يشق عليكم والذي يعنتكم ويكلفكم، فهو صلى الله عليه وسلم حريص على أن تكون أمته تتمتع بالسهولة وباليسر، وكل ذلك من الحكمة التي أوتيها صلى الله عليه وسلم ، والتي تتلى في بيته، كما قال تعالى: رسم> وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ قرآن> رسم> .
وهكذا أمر بالموعظة الحسنة التي هي: تذكير الإنسان، تذكيره بربه وبنعم الله عليه، وبحسن ما أعطاه وخوله، وتذكيره بالهداية أن الله هداه وأقبل بقلبه، وتذكيره بالمآل وبنهاية هذه الحياة الدنيا؛ حيث يتذكر أنه راحل من هذه الدنيا وأنه وافد على ربه، تذكير العباد بأنهم محشورون ومبعوثون ليوم القيامة حفاة عراة غرلا، وتذكيرهم بأن مآلهم إما إلى الجنة وإما إلى النار، وتذكيرهم بأعمال الخير حتى يكونوا من السعداء، وتحذيرهم من الشر حتى يكونوا من أهل الخير، ويبتعدوا عن الشرور وعن المنكرات وأهلها.
وهكذا أيضا أمر بالمجادلة بالتي هي أحسن، عندما يكون الإنسان عنده شيء من الشبهات أو من التشكيكات التي ينشرها أعداء الإسلام، فيجادله المؤمن بالتي هي أحسن، ويناقشه بما في قلبه من العادات السيئة ومن المنكرات، ومن الشبهات التي قد ترتكز في الذهن والقلب ويصعب تخليصها إلا إذا جادله بالتي هي أحسن، وقد قال الله تعالى: رسم> وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ قرآن> رسم> .
فهذه المجادلة بالتي هي أحسن مناقشة عندما يكون عنده شيء من الشبهات، أو شيء من العادات السيئة؛ حتى يقلع عنها إذا اتضح له الحق؛ وذلك لأن المؤمن قصده الحق أينما كان، يقبل الحق ممن جاء به ولو كان عدوه، ويرد الباطل على من جاء به ولو كان صديقه، هكذا تكون الدعوة إلى الله تعالى.
مسألة>