إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
خطبة الجمعة أجوبة الأسئلة
3659 مشاهدة
من حقوق المؤمنين: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

كذلك من حقوق المؤمنين: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو الذي وصف الله تعالى به عباده، وصف به هذه الأمة، في قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ؛ فقد أكد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقدمه على شرطه الذي هو: الإيمان بالله، ولا شك أن التقديم يدل على الآكدية، ويدل على الأهمية، قدمه على الإيمان مع أن الإيمان شرط لصحة الأعمال كلها.
وهكذا وصف المؤمنين في آية أخرى، قال الله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .
فانظروا كيف قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الصلاة والزكاة وطاعة الله ورسوله، مع أن لهما أهمية، ومع أن الصلاة من المعروف، وأداء الزكاة من المعروف، وطاعة الله ورسوله من المعروف، ومعصية الله ورسوله من المنكر، وترك الصلوات والبخل بالزكاة من المنكر ، ولكن لما كان الأمر والنهي وسيلة إلى إظهار هذا الدين، ووسيلة إلى تمسك المسلمين بهذا الدين، أكده وقدمه على ما هو شرط له أو على ما هو فرع منه.
فهكذا يجب على المسلم حق لإخوته المسلمين من الحقوق الدينية؛ أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. والمعروف: كل ما أمر الله به، والمنكر: كل ما نهى الله تعالى عنه. المعروف: كل ما يحبه الله، والمنكر: كل ما يكرهه الله. المعروف: ما تعرفه النفوس المطمئنة وتألفه وتحبه وتشهد بحسنه وملاءمته، والمنكر: ما تنفر منه النفوس المطمئنة وتشهد ببشاعته وتستفحشه.
هذه وصايا من الله تعالى لأمته يجب علينا أن نسلكها؛ حتى نكون بذلك من المحبين لإخواننا المسلمين، نحب لهم الخير وندلهم عليه، ونحذرهم من الشر وننفرهم منه؛ وبذلك تصدق محبة بعضنا لبعض، ونكون من المتآلفين في الله ومن المتزاورين في الله ومن المتحابين في الله، الذين مدحهم الله تعالى ومدحهم رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ففي الحديث القدسي أن الله تعالى يقول: وجبت محبتي للمتحابين في والمتزاورين في والمتباذلين في ويقول صلى الله عليه وسلم- المتحابون في الله على منابر من نور عن يمين الرحمن، يغبطهم الأنبياء والشهداء .
فهذه منزلتهم، هذه منزلتهم في الدار الآخرة، لما أنهم نصح بعضهم لبعض وأحب بعضهم بعضا؛ وكان من نتيجة ذلك أن دلوهم على الخير، الخير الأخروي وحثوهم عليه وتواصوا به، أوصى بعضهم بعضا، فأولئك هم: أهل النجاة والسعادة الذين نجوا وخسر غيرهم.