شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
رسائل مفيدة في الصلاة والحج
8495 مشاهدة print word pdf
line-top
2- حالات المأموم مع إمامه في صلاة الجماعة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فهذه كلمة في (بيان حالات المأموم مع إمامه في صلاة الجماعة ).
(1) الحالة الأولى: (المسابقة):
وهي أن يتقدمه في التكبير، أو الركوع، أو الرفع من الركوع، أو السجود، أو السلام. وهذا الفعل لا يجوز. وقد ورد فيه الوعيد الشديد، كقوله -صلى الله عليه وسلم- أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو يحول صورته صورة حمار رواه الجماعة.
ولأن الإمام هو قدوة المأموم؛ فلا يجوز التقدم عليه، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم رواه مسلم وقال أيضا: لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالقعود ولا بالانصراف رواه مسلم وأحمد
ولا خلاف أن المسابقة عمدًا تبطل الصلاة، وقد نقل الإمام أحمد -رحمه الله- في رسالته عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه نظر إلى من سبق الإمام فقال: لا وحدك صليت ولا بإمامك اقتديت .
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال له: لا صليت وحدك ولا صليت مع إمامك، ثم ضربه، فأمره أن يعيد الصلاة .
فإن كانت المسابقة سهوا بأن ركع قبل الإمام أو سجد قبله؛ فإن عليه أن يرجع ليأتي به بعده، فإن لم يفعل عالمًا عامدًا بطلت صلاته، فإن كان جاهلا أو ناسيا فقد عذره الجمهور، وصححوا صلاته لعذر الجهل والغفلة، وألزموه بالمتابعة. ولكن الإمام أحمد في رسالته يرى بطلان صلاته حتى لو كان ساهيا لعموم الأحاديث.
(2) الحالة الثانية: (الموافقة):
وحقيقتها: أن تتوافق حركة الإمام والمأموم عند الانتقال من ركن إلى ركن كركوعهما وسجودهما سواء، وهذا أيضا خطأ، حيث لم يحصل الاقتداء الذي أُمر به في قوله -صلى الله عليه وسلم- إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر الإمام فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع ... الحديث، رواه أحمد وأبو داود .
فإن كانت الموافقة في التحريمة بأن كَبَّر للإحرام مع إمامه، أو قبل إتمام الإمام تكبيرته؛ فإنها لا تصح عمدا أو سهوا، وإن كانت في غير التحريمة (تكبيرة الإحرام)؛ فإنها تنعقد مع الكراهة، والنقص في الاقتداء والمسلم يبتعد عن كل ما ينقص صلاته أو يبطلها.
(3) الحالة الثالثة: (المتابعة): وهي الأمر المطلوب من المأموم، ويحصل به الاقتداء المطلوب في الصلاة. وحقيقتها: أن تحصل أفعال المأموم عقب حركة إمامه، كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك بقوله: إذا كبر الإمام فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا رفع رأسه وقال سمع الله لمن حمده فارفعوا وقولوا ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا رواه مسلم ومعناه أن تنتظروا الإمام حتى يكبر ويفرغ من تكبيره ثم تكبرون بعده، وعلى الإمام أن لا يمد التكبير، فإن المأموم قد يسرع بالتكبير فيفرغ قبل إمامه فتبطل صلاته.
وهكذا على المأموم أن يبقى قائما حتى يركع الإمام وينقطع صوته بالتكبير، ثم ينحني للركوع ويبقى راكعا حتى يتم رفع الإمام من التسميع سمع الله لمن حمده ، ثم يرفع بعده، ثم يبقى منتصبا حتى يكبر إمامه ويضع وجهه على الأرض، ثم ينحط بعده، وكذا بقية أفعال الصلاة، كما قال البراء بن عازب -رضي الله عنه- كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا انحط للسجود لا يحني أحد منا ظهره حتى يضع النبي -صلى الله عليه وسلم- جبهته على الأرض رواه مسلم وهكذا كأن يكون قائما وهم سجود بعد ثم يتبعونه، فهذه حقيقة المتابعة التي تتم بها الصلاة.
(4) الحالة الرابعة: (المخالفة): معناها أن يتأخر المأموم عن إمامه، وقد عدّ -اعتبر- العلماء هذه الحالة مثل المسابقة لما فيها من ترك الاقتداء المأمور به. فإن تأخر حتى ركع الإمام ورفع عمدا بطلت صلاته. فإن كان هناك عذر كنعاس أو غفلة أو عجلة الإمام، فإنه يركع بعده وتصح صلاته. فإن تأخر حتى ركع الإمام ورفع وسجد قبل ركوع المأموم عمدا بطلت صلاته. فإن كان سهوا أو جهلا فالصحيح أنه يعيد تلك الركعة التي فاته الاقتداء في معظمها.
فعلى المأموم أن يكون منتبها مقبلا على صلاته حاضر القلب لما يقول ويفعل حتى يحصل منه الاقتداء الذي به تتم صلاته، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبها الفقير إلى عفو ربه
الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين


line-bottom