تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
كلمة حول القرآن
2839 مشاهدة
كلمة حول القرآن

فضيلة الشيخ نشكرك شكرا جزيلا، ونقول لكم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- من فعل إليه معروفا فقال لأخيه: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء فجزاكم الله خيرا على ما أتحفتمونا من قبول دعوتنا والالتقاء بطلاب تحفيظ القرآن الكريم أمل هذه البلدة بعد الله سبحانه وتعالى، يريدون منك - أولا يا فضيلة الشيخ - كلمة توجيهية ثم نتركهم معك في أسئلتهم التي حضروها لك.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. وبعد:
إنني فرح مسرور بما رأيت وبما سمعت؛ فإن اهتمام أولاد المسلمين بكتاب ربهم حفظا وفهما وتدبرا يبشر بخير؛ وذلك لأنه سبب في الهداية والاستقامة والثبات بإذن الله على الحق؛ حيث إن حفظة القرآن هم الذين يطبقونه ويعملون به، ويظهر عليهم أثر السكون والاطمئنان، والاعتقاد السليم، كما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بصيامه إذا الناس يفطرون، وبقيامه إذا الناس ينامون -يعني تهجده- وبصمته إذا الناس يخوضون .
أمثلة يريد بها أن حامل القرآن يتأثر بالقرآن فيعمل به، ويكثر من الأعمال الصالحة التي يدعو إليها ربنا –تعالى- في القرآن وفي السنة، ولا شك أن هذا مما يظهر أثره على حملة القرآن.
ثم جاء في الحديث الذي في صحيح مسلم قوله -صلى الله عليه وسلم- والقرآن حجة لك أو عليك يعني: أنه إما أن يشهد لك أو يشهد عليك؛ فإذا كنت ممن عمل به وتأثر به واتبع إرشاداته وأوامره؛ فإنه خير شاهد لك وخير وسيلة في النجاة، وإلا كان شاهدا عليك.
وفي الحديث الذي أورده ابن رجب في اللطائف أنه يجاء بحامل القرآن الذي قد عمل به فينتصب القرآن له خصما فيقول: يا رب، حملته إياي، فخير حامل عمل بحدودي واتبع أوامري وترك زواجري؛ فلا يزال يقذف له بالحجج حتى يقال: شأنك به فلا يدعه حتى يدخله الجنة أو يلبسه تاج الوقار. ويجاء بالرجل قد حمل القرآن ولم يعمل به؛ فينتصب له القرآن خصما فيقول: يا رب، حملته إياي فبئس حامل، ركب زواجري وترك أوامري وتعدى حدودي؛ فلا يزال يقذف له بالحجج حتى يقال: شأنك به، فلا يدعه حتى يكبه على وجهه في النار .
فهذا معنى: القرآن حجة لك أو عليك، وأنشد ابن رجب:
ويل لـمـن شفـعـاؤه خصمــاؤه
والصور في يـوم القيـامـة ينـفـخ
يعني: إذا كان خصمك هو شفيعك؛ فإنك لا تفلح؛ أنت ترجو شفاعته، ولكن ما أتيت بالسبب ألا وهو تطبيقه والعمل به؛ فإن هذا هو الثمرة، إذا وفقك الله –تعالى- وحفظته؛ فعليك أن تحرص على أن تعمل به حق العمل.