إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
لقاء مع تحفيظ القرآن بالخرمة
2328 مشاهدة
لقاء مع تحفيظ القرآن بالخرمة

أن ينفع بها؛ وهي زيارة فضيلة الشيخ عبد الله لهذه الجمعية الفتية، وهؤلاء الإخوة الذين تراهم أمامك، والمنسوب في الجمعية: من معلمين ومشرفين وإداريين وكلهم يد واحدة نحو تحقيق هذا المقصد؛ لتعليم كتاب الله -عز وجل- ويرغبون من فضيلتكم كلمة ونصيحة، ولديهم بعض الأسئلة عقب ذلك إن رأيتم في الإجابة عليها، نسأل الله -عز وجل- لكم المثوبة والأجر.
حياكم الله وأهلا وسهلا، لا شك أن عملكم هذا من أشرف الأعمال؛ لأنكم تشتغلون بحفظ القرآن وبتعليمه؛ حيث إن كثيرا من الشباب انصرفوا عن القرآن بعدة أسباب:
السبب الأول: انشغالهم كما يقولون بالدروس النظامية، ويدعي أولياؤهم أن الاشتغال بالقرآن يضعف علمهم بالدروس التي يدرسونها في المدارس، وهذا غير صحيح؛ بل المشاهد أن الذين يواظبون على الدراسة في مدارس تحفيظ القرآن يوفقهم الله، ويكونون من أبرز الطلاب ومن أحفظهم؛ فنقول: إن هذا العذر عذر ضعيف، كون الطالب يقول: لا أدرس في التحفيظ حتى لا يعوقني عن الدراسة.
السبب الثاني: كثرة الملاهي التي تشغل عن الإقبال على القرآن والاهتمام به، ويعتبرها بعض الناس تسلية لأولادهم، وشغلا لأوقاتهم فهو يقول: إن أولادي بحاجة إلى الترفيه وإلى التسلية، وإلى الرفاهية والترفيه البريء؛ فيجلبون لهم آلات الملاهي، ويملئون البيوت بالأجهزة التي تشغلهم نهارهم وليلهم، يعكفون على النظر في تلك الصور، وفي تلك الأفلام، وفي سماع ذلك اللهو والباطل والغناء والطرب، فمتى يتفرغون لحفظ القرآن أو للنظر فيه؟! فهذا سبب صد كثيرا من شباب المسلمين عن الإقبال على القرآن.
سبب ثالث: وهو شغفهم بما يسمى الرياضة، وتتبع أخبار الرياضيين، والاهتمام بمتابعة أخبارهم؛ فتجده يلعب دائما، أو يشاهد اللاعبين، أو ينظر إليهم من وراء الشاشات، أو يجلس ينتظر المباريات، ساعتين أو ثلاث ساعات؛ فيضيع عليه وقته بهذه المشاهدة، وكذلك أيضا ينشغل وقته كله أو جله بالحديث عنها، فتجدهم دائما يسألون ويتابعون الأخبار، هذا مما يصدهم عن الاهتمام بالقرآن.
وسبب رابع: وهو قلة الحوافز والدوافع لحفظ القرآن، أو للاهتمام به؛ فلا يجدون تشجيعا من أولياء الأمور، ولا يجدون حثا من المدرسين الذين يدرسونه في الأصول الدراسية، ولا يستمعون إلى نصائح ولا إلى مواعظ؛ فيكونون قد انصرفوا عن القرآن وعن الاهتمام به.
تعلمون أن ذلك من الهجران الذي ذم الله أهله، قال الله تعالى: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَب إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا فمن هجرانه: عدم تلاوته بحيث إن كثيرا من الطلاب يقرأ المرحلة الابتدائية والمراحل بعدها، ربما يتم عمره خمسة عشر، وهو ما قرأ القرآن ولو مرة واحدة، لا حفظا ولا نظرا، فكيف يكون هذا من أهل القرآن؟! وكيف يهتم بالقرآن؟! لا شك أن هذا يعتبر هجران. اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ؛ فالإعراض عن قراءته عمل سيئ، وفيه وعيد؛ لقول الله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا فيدخل في الذكر الإعراض عن القرآن؛ لأن الله سماه الذكر قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ؛ فيخاف على الذين يهجرونه أن يكونوا من هذا الوعيد.