قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
الكسب الحلال أهميته - وآثاره
12185 مشاهدة
الحث على العمل والتكسب

إن الإنسان في هذه الحياة لا غنى له عن المال الذي يقوم بتغذية بدنه، وعفته عن سؤال غيره. وقد جعل الله وجوها كثيرة للتكسب الحلال فأباح كل كسب ليس فيه اعتداء، ولا ظلم، ولا ضرر على الغير، وأباح أنواعا من الاكتساب حتى يجمع الإنسان من المال ما يكون كافيا له في قوته، وقوت من يعوله.
وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على الأمر بتكسب الإنسان وسعيه للمعيشة، وبكف وجهه عن سؤال الناس، حتى إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فيما ورد عنه: لأن يأخذ أحدكم حبلا فيأتي بحزمة من حطب فيبيعها، فيكف بها وجهه عن الناس، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه . فَحَثَّ -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث على التكسب، ولكن يريد التكسب الحلال.
ولما كان هَمُّ الناس وشغلهم الشاغل اكتساب المال، فإن منهم من تكون همته في التكسب الحلال، ومنهم من تكون همته في التكسب المشتبه! ومنهم من تكون همته في التكسب الحرام.
فالناس مختلفون في ذلك، فإن وُفِّقَ العبد لحرفة من الحِرَف التي لا شُبهة فيها، يَكُفّ بها وجهه عن الناس، فليحمد الله على ذلك؛ فإن هذا من السعادة؛ لأنه استغنى وتعفف واكتفى بالحلال عن الحرام.