لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
درس في الجمعة مع بلوغ المرام
6029 مشاهدة
تفكر المصلي فيما يقرؤه حال صلاته


ومن علامة الخشوع ترك حركة الأعضاء والأبدان ونحوها، وهو ناشئ عن خشوع القلب.
في حديث بعض الصحابة كحذيفة رأى رجلا يصلي، وإذا هو يتحرك، فقال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه . فكثرة الحركة إذا كانت متوالية تبطل الصلاة حتى ولو كانت سهوا؛ لأنه ما اشتغل بصلاته كما ينبغي؛ بل انشغل قلبه بما هو مقبل عليه. كثرة الحركة تنافي الإقبال على الصلاة. المصلي مأمور بأن تثبت قدماه إذا كان واقفا فلا يحركها إلا شيئا قليلا، ومأمور في صلاته بأن يقبض يده اليسرى بيده اليمنى، وأن يجعلهما على صدره أو على بطنه، ومأمور بأن ينظر إلى موضع سجوده، ومأمور بأن تسكن حركته ولا يكون منه حركة؛ وبذلك يضمن أنه يحدث نفسه بشيء خارج عن أمور الصلاة.
والدليل حديث عثمان لما وصف الوضوء ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه ومعنى لا يحدث فيهما نفسه ؛ يعني لا يتحدث بالأمور الدنيوية؛ بل يقبل على صلاته ويتفكر، ويتأمل ما هو يقوله أو يفعله من الحركات والأقوال. فأولا- إذا كبر استحضر معنى الله أكبر؛ فيستحضر أن الله تعالى هو الكبير المتعالي؛ فهو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء.
وإذا تلفظ بكلمة الله أكبر انتبه لذلك؛ أي انتبه بأن الله هو الكبير فصغرت عندك الدنيا، وصغر عندك أهلها. إذا قلت: الله أكبر وأنت تستحضر كبرياء الله تعالى عرفت بأنه هو العلي الكبير، وعرفت أنك أنت البائس الفقير الذليل المهين، وأنك من عبيد الله الذين هم ملكه وخلقه. فهذا فائدة الله أكبر مع أنها تكرر في الصلاة. فالصلاة الرباعية يكبر فيها ثنتين وعشرين تكبيرة، وفي الثلاثية كالمغرب يكبر فيها سبعة عشر تكبيرة، وفي صلاة الفجر يكبر فيها إحدى عشرة تكبيرة. لماذا شرع هذا التكبير؟ لأنه تعظيم.
إذا قال: الله أكبر عظم قدر ربه في قلبه، وعلم بأن ربه هو الكبير الذي لا شيء أكبر منه؛ فعند ذلك يعظم هذه الصلاة، ويعظم ربه الذي صلى له؛ لأنه استحضر بأنه هو الكبير المتعالي. وكذلك أيضا إذا كبر للركوع وكبر للسجود صلاته معمورة بهذا التكبير. بعد تكبيرة الإحرام يأتي بالاستفتاح بأن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. إذا أتى به عرضه على قلبه، أخرجه من قلبه وتأمل ما فيه، فيتأمل أن تسبيح الله تعالى هو تنزيهه، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم وبحمدك، أن تسبيح الله تعالى هو تعظيمه، بأن يستحضر بأنه العظيم، وبأنه المستحق للتعظيم.
وهكذا أيضا ما بعده، الحمد، وبحمدك الثناء على الله بما هو أهله؛ بمعنى أنه يستحضر أن ربه تعالى هو المستحق للحمد وللثناء. كذلك أيضا البركة كثرة الخير. تبارك اسمك؛ أي كثر خيرك وكثر عطاؤك. يستحضر معنى هذا حتى تصدق رغبته عند الله تعالى فيما يطلبه.
وكذلك العلو من صفات الله تعالى؛ تعالى جدك؛ يعني علا وارتفع. جدك، يعني حظك ونصيبك من عبادك. فهذا ونحوه دليل على أنه إذا استحضرها استفاد من استحضارها، وأقبل على صلاته.
كذلك القراءة سواء يقرأ لنفسه، أو يستمع القراءة من الإمام يعرضها على قلبه، ويتفكر ويتأمل كل كلمة تمر عليه حتى يستفيد من ذلك؛ وبذلك يخشع في صلاته. وأما الحديث الذي سمعنا نهى أن يصلي الرجل مختصرا فسره المؤلف بأن المراد أن يضع يده على خاصرته؛ الخاصرة هي رأس الورك. لماذا؟ لأن في ذلك شيئا من المخالفات، وشيء من الحركة. والمأمور به المصلي أن يمسك يديه؛ يمسك إحداهما على الأخرى، يضعهما على صدره، أو يسجد عليهما على كفيه، أو يقبض في الركوع كل ركبة بيد، فتكون يداه مشغولتين.
فأما إذا وضعها على خاصرته، فمعناه أنه ما عمل بالسنة في قبض إحدى اليدين بالأخرى، وكذلك أيضا معناه أنه تحرك، وقعت منه حركة، فينهى عن الحركة ولو أن يضع يده على خاصرته؛ فإن ذلك شغل في الصلاة. إذا رأيت الذي يتحرك في صلاته حركة ليست ضرورية فعليك أن تمنعه من ذلك، وأن تؤكد عليه أن يقبل على الصلاة، فإذا رأيته مثلا يسوي عمامته كلما قام أخذ يجرها ويسوي قلنسوته أو يسوي عقاله، أو يجر أحد جانبي العمامة من جهة أو نحو ذلك -كان في ذلك حركة، تنصحه وتقول له: أقبل على صلاتك، واخشع فيها؛ فإن كثرة الحركة تنافي الخشوع في الصلاة الذي هو مأمور به.
وكذلك إذا رأيته يلتفت ببصره ولو قليلا يرمي بصره من هنا أو من هنا؛ فتنصحه تحثه على الإقبال على صلاته. كذلك إذا رأيته كثير الحركة بشيء من أنواع الحركات الأخرى فعليك أن تنصحه وتبين له. منع في الصلاة من أي فعل ينافي الخشوع في الصلاة.