اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
محاضرة القاعة
4026 مشاهدة
تحقيق الإيمان بالله

وأوصيكم أيضا بوصايا وهي متفرعة عن التقوى، فإن حقيقة التقوى تلتئم جميع فعل الطاعات وترك جميع المحرمات، ولكن من باب التذكير بها؛ فأوصيكم بالمحافظة على أركان الإسلام، التي هي خمسة الأركان: الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، فإنها مظهر الإسلام، العلامة الظاهرة للمسلم، والمفرقة بين المسلم والكافر.
فمن أتى بهذه الأركان؛ حكم ظاهرا بأنه من أهل الدين، ومن أخل بشيء منها؛ أخل بدينه، فالشهادتان مطلوب من العبد أن يأتي بهما لفظا ومعنى، يعني: مطلوب منك أن تتلفظ بقولك: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
والشهادة معناها: الاعتقاد اليقيني، يعني: أعتقد، وأتحقق، وأستيقن بأن لا إله إلا الله، وإذا قلت ذلك؛ فإن من واجبك أن تعبد الله، وأن تتخذه إلها، ومعبودا وحده، لا معبود غيره، لا تعبد غيره، لا بقلبك، ولا بلسانك، ولا ببدنك ولا بمالك؛ بل يكون الله تعالى هو الإله الحق الذي تألهه بقلبك.
يقول العلماء: إن الإله هو الذي تألهه القلوب محبة، وخوفا، ورجاء، وتوكلا واعتمادا عليه وإنابة إليه، وتذللا وتواضعا بين يديه؛ فهو الإله إلهنا هو الله أي معبودنا لا معبود لنا بحق سواه، لا نعبد إلا إياه، ولا نتقرب إلا إليه؛ فهو إلهنا وربنا وذلك لأنه الذي خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا، بل أرسل إلينا رسولا وأنزل إلينا كتابا وأمرنا بأن نتبع كتابه، وأن نقتدي بسنة نبيه؛ حتى نكون حقا من الذين عبدوه حق عبادته.
والإله هو المعبود، والرب هو المعبود وهو الذي يجب أن نذكره حق ذكره، وأن نشكره حق شكره، وأن نثني عليه -سبحانه وتعالى- وأن نعترف بفضله، وأن نعترف بنعمه، وألا ننسب النعم إلى أية مخلوق من المخلوقات لا صغيرا ولا كبيرا، بل النعم كلها من الله -سبحانه وتعالى- فهو الذي يسرها، ولو كان هناك من تسبب فيها؛ فإن مسببها في الحقيقة هو الله -سبحانه وتعالى- وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ .