عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
محاضرة بعنوان السحر وأثره في العقيدة
5415 مشاهدة
أثر السحرة على المجتمع

أما أعمالهم فإنها كثيرة، وقد سمعتم وتعلمون منها أمثلة كثيرة. قد ذكر الله تعالى منها: التفريق بين الزوجين في قوله تعالى: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ؛ أي يعمل الساحر سحرا يفرق به بين الزوجين؛ بمعنى أن الزوج يكره امرأته أو أنها تكرهه وتنفر منه مع وجود المودة بينهما ومع الألفة؛ ومع الصحبة القديمة الكبيرة ومع ذلك يسبب الشيطان التفريق بينهما.
وكذلك أيضا يسبب الشيطان والسحرة التفريق بين الأحبة؛ فكثيرا ما يصرف الرجل عن أولاده الذين هم فلذات كبده؛ بحيث أنه ينفر منهم ويكرههم ويبغضهم ويكون ماقتا لهم، كلما رأى أحدا منهم كرهه وسبه وأبغضه، ولا يدرى ما هو السبب؟! إلا عمل هذا الساحر.
وكذلك ينفر الرجل عن مسكنه بحيث إنه إذا جاء أو دخل في منزله وجد نفرة، ووجد ضيقا وحشرجة، ولا يرتاح إلا إذا خرج من ذلك المنزل.
وهكذا أيضا ينفره عن عمله إذا كان له عمل كصنعة مصنع أو متجر أو معمل من المعامل أو ما أشبه ذلك، يتوصل السحرة إلى أنه يبغض ذلك الموقع الذي يعمل فيه؛ ولو كان فيه ماله؛ ولو كانت فيه تجارته؛ ولو كانت فيه صنعته أو أمواله التي يدخرها والتي يعمل لها، كلما جاء إليها كره ذلك المكان، وضاق به ذرعا، ونفر منه. لا شك أن هذا من آثار عمل هؤلاء الشياطين، والسحرة، ومردة الجن.
وكذلك قد يتوصلون إلى قلب الحقائق كما ذكر ذلك المفسرون أنهم قد يغيرون الحقائق؛ وإن كان ذلك قد لا يكون دائما قلبهم لهذه الحقائق؛ أي كما ذكر أنهم يقلبون الإنسان إلى حيوان كما ورد ذلك في بعض الآثار إلى كلب أو إلى حمار أو ما أشبه ذلك. وكيف يتوصلون إلى ذلك؟! لا يتوصلون إلا بإعانة الشياطين ومردة الجن؛ وذلك لأن الجني هو الذي يتمكن من أن يتمثل بما يشاء، وكذلك الشيطان؛ بل وكذلك الملائكة لهم قدرة على أن يتمثلوا بصور يتمثلون بها.
فالشيطان والجني يظهر أحيانا بصورة إنسان، بصورة هرم أو بصورة شاب، أو بصورة حيوان ككلب أو حمار أو طير، يتمثل الجني بذلك، عنده القدرة أقدرهم الله تعالى؛ لأنهم أرواح فيتمثلون أمام أعيينا بهذه الأمثلة. فإذا صار لهذا الشيطان الإنسي سلطة سلط وليه من الجن على أن يلابس هذا الإنسان، وأن يغير صورته وهيكله إلى أن يصير إلى هذا الحد إلى أن يقلبه بهيمة أو طيرا أو نحو ذلك، هذا كله بواسطة الشياطين التي تخدمهم.
وقد تخدمه الشياطين وتجري على يديهم أشياء خارقة للعادة، فقد تحمل أحدهم الشياطين والجن وتقطع به مسافة طويلة، كما يحكى عن بعضهم أنهم يركبون عسيبا عسيب نخل، ثم يطير بهم ذلك العسيب فيقطعون مسافة طويلة؛ حتى يدعي بعضهم أنه يطير من أقصى بلاد الهند يوم عرفة، ويقف مع الحجاج في يوم عرفة، ويرجع في يومه. لا شك أن ذلك بواسطة الجن التي تحمله ومتشيطنة الجن. أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر كتابه الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وذكر أنه يعرف من ذلك أمثلة، ويسمي ذلك: الأحوال الشيطانية. فهؤلاء يتوصلون إليه بواسطة عبادة الجن والتقرب إليهم، وعبادة الشياطين وطاعتهم في معصية الله سبحانه وتعالى.