إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
الإجابات البهية في المسائل الرمضانية
26614 مشاهدة
تعريف الاعتكاف وأحكامه


س 27: هنالك -أحسن الله إليكم- سنة قد تهاون فيها أكثر الناس، ألا وهي سنة الاعتكاف فما توجيهكم؟ وما شروط الاعتكاف ؟ وما يجوز وما لا يجوز؟ وهل يجوز للمرأة أن تعتكف ؟ وأين يكون؟
ج 27: الاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله وهو سنة مؤكدة في كل زمان، وتتأكد في العشر الأواخر من رمضان، كما روت عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفاه الله -عز وجل- ثم اعتكف أزواجه من بعده .
وروى البخاري عن أبي هريرة قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما .
قال ابن رجب في اللطائف: وإنما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في هذه العشر قطعًا لأشغاله، وتفريغًا لباله، وتخليا لمناجاة ربه، وذكره ودعائه، وكان يحتجر حصيرًا يتخلى فيها عن الناس . ولهذا ذهـب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس، حتى ولا لتعليم علم، وإقراء قرآن؛ بل الأفضل له الانفراد بنفسه، وهو الخلوة الشرعية لهذه الأمة، وإنما كان في المساجد، لأن لا يترك به الجمعة والجماعات.
فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه، وما يقربه منه، فما بقي له هم سوى الله وما يرضيه عنه، فمعنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق، للاتصال بخدمة الخالق، وكلما قويت المعرفة والمحبة له، والأنس به، أورثت صاحبها الانقطاع إليه بالكلية على كل حال. اهـ .
ولا يصح الاعتكاف إلا بشروط:
(الأول): النية، لحديث: إنما الأعمال بالنيات
(الثاني): أن يكون في مسجد، لقوله -تعالى- وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ و كان-صلى الله عليه وسلم- يعتكف في مسجده
(الثالث): أن يكون ذلك في المسجد الذي تقام فيه صلاة الجماعة، حتى لا يتكرر خروجه لكل وقت، مما ينافي الاعتكاف.
ولا يخرج المعتكف إلا لما لا بد له منه، ولا يعود مريضا، ولا يشهد جنازة، ويحرم عليه مباشرة زوجته، ويستحب اشتغاله بالقربات، واجتناب ما لا يعنيه.

وله أن يتحدث مع من يزوره. وله أن يتنظف ويتطيب، ويخرج لقضاء حاجة وطهارة. وأكل وشرب، إذا لم يجد من يأتيه بهما.
وأما المرأة فالأفضل في حقها البقاء في بيتها، والقيام بخدمة زوجها وولدها، ولا يشغلها ذلك عن عبادة ربها. ولأن خروجها مظنه الفتنة بها، وفي انفرادها ما يعرضها للفسقة وأهل الفساد.
ولكن إن أمنت هذه المفاسد، وكانت كبيرة السن، وكان المسجد قريبا من أهلها ومحارمها، جاز لها الاعتكاف فيه، وعلى ذلك يحمل اعتكاف زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- بعده، لقربهن من المسجد.
وبالجملة لا يصح اعتكافها في مسجد بيتها، وهو مصلاها فيه، ويصح في كل مسجد، ولو لم يكن فيه جماعة مستمرة، ويكره خروجها وانفرادها محافظة على نفسها. والله أعلم.