إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
الجهل وآثاره
16794 مشاهدة
أقسام الجهل

أحب أن أذكر أولا حقيقة الجهل وبأي شيء يكون، ثم أذكر بعد ذلك إزالة الجهل والأسباب التي يزول بها، ويمكن أن أذكر قبل ذلك النتائج والآثار السيئة التي حصلت بسبب البقاء على الجهل وأنها آثار سيئة ، أقول -وبالله التوفيق- الجهل ينقسم إلى: 1- جهل بالله وبعبادته . 2- جهل بالشريعة وبالحقوق التي على الإنسان لربه سواءً مما أمر بفعله أو أمر بتركه، والواجب أن يزيل هذا الجهل، أما الجهل بالله فإن كثيرا من الناس يعتقدون أن الله -تعالى- هو ربهم ولكن ينقصهم العلم بأن الله معهم حيث ما كانوا، وينقصهم العلم أن الله -تعالى- يراهم أينما قاموا، ينقصهم العلم بأن الله شديد العقاب ، وينقصهم العلم بأن الله يثيب ويعاقب ، والعلم بشدة العذاب ، والعلم بكثرة الثواب ، جهلوا هذه الأشياء، جهلوا عقاب الله فلم يهمهم ما فعلوا من المعاصي ، جهلوا مراقبة ربهم فلم يهمهم ما وقعوا فيه، جهلوا عظمته وكبرياءه فلم يخافوه، ولم يحبوه ، ولم يرجوه ، جهلوا ما أمروا به فلم يمتثلوا ما نهوا عنه ، ولم ينزجروا، ولا شك أن هذا الجهل من قلة الاهتمام، فلا يجوز -مثلا- أن يبقى الإنسان على هذا الجهل الذي هو جهل بالعقيدة، فنحن بحاجة إلى أن نتعلم هذه الأشياء، وقد كتب فيها وقد ألفت فيها المؤلفات وقد اشتمل عليها القرآن، فمثلا الذي يستحضر أن الله -تعالى- معه دائما كيف يعصيه ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل الإيمان أن تعلم أن الله -تعالى- معك حيثما كنت , وقال تعالى : الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ .
لا شك أن الذي يستحضر أن الله يراه ويطلع عليه، ويعلم سره ونجواه ويعلم ما توسوس به نفسه، كما في قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ .
ويستحضر أن الله يطلع على ضميره ويعلم حديث قلبه ؛ لا شك أنه يخافه أشد الخوف ويرجوه أشد الرجاء، ويحبه غاية المحبة، ويعبده حق العبادة، ويجاهد فيه حق الجهاد، ويبتعد عن المحرمات ويكثر من الحسنات، وما ذاك إلا أن قلبه امتلأ بمعرفة ربه، امتلأ بما يدل على التعظيم فكان أبعد عن الحرام ، وكان أقرب إلى طلب الحلال ، أو الاستكثار من العبادات والقربات، فهذا أثر من آثار الإعراض عن الله تعالى.