الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق
39557 مشاهدة
قول الإمام الأكبر، وجوابه

ثم قال الكاتب: قال الإمام الأكبر محيي الدين ابن العربي -رضي الله عنه- من لم يأخذ الطريق عن الرجال فهو ينقل من محال إلى محال


نقول: لا عبرة بالقائل ولا بما قال، فإن ابن عربي هذا مشهور بأنه اتحادي يقول باتحاد الخالق والمخلوق، وهو أعظم الكفر وأشنعه، وقد صرح بذلك في كتابيه (فصوص الحكم) و (الفتوحات المكية) وغيرهما من مخالفة الرسل صريحا ومدح الكفار والمشركين، وتصويب ما هم عليه، وقد نقل عنه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (11\240) تعقبه للجنيد بن محمد -رحمه الله- في قوله: التوحيد إفراد الحدوث عن القدم، فأنكر عليه ابن عربي وقال في مخاطبته الخيالية الشيطانية: يا جنيد وهل يميز بين المحدث والقديم إلا من يكون غيرهما.
كذا قال لأن عقيدته أن وجود المحدث هو عين وجود القديم كما قال في فصوصه: ومن أسمائه الحسنى العلي على من؟ وما ثَمَّ إلا هو، وعن ماذا؟ وما هو إلا هو؛ فعلوه لنفسه وهو عين الموجودات، فالمسمى محدثات هي العلية لذاته وليست إلا هو. إلى أن قال: هو عين ما بطن وهو عين ما ظهر وما ثَمَّ من يراه غيره، وما ثم من ينطق عنه سواه، وهو المسمى أبو سعيد الخراز وغير ذلك من الأسماء المحدثات، ثم ذكر أن التلمساني لما قرئ عليه الفصوص، فقيل له: القرآن يخالف فصوصكم، فقال: القرآن كله شرك، وإنما التوحيد في كلامنا.
فقيل له: فإذا كان الوجود واحدا فلم كانت الزوجة حلالا والأخت حراما؟ فقال: الكل عندنا حلال ولكن هؤلاء المحجوبون قالوا حرام، فقلنا حرام عليكم.
ونقل شيخ الإسلام في المجموع 2\121 عن صاحب الفصوص وهو ابن عربي المذكور قوله: إن آدم -عليه السلام- إنما سمي إنسانا لأنه للحق تعالى بمنزلة إنسان العين من العين، وهذا يقتضي أن آدم جزء من الحق تعالى وتقدس، وبعضا منه، وأنه أفضل أجزائه وأبعاضه، وهكذا قال في الفصوص: إن الحق المنزه هو الحق المشبه، فالأمر الخالق المخلوق والأمر المخلوق الخالق، كل ذلك من عين واحدة، لا بل هو العين الواحدة وهو العيون الكثيرة... إلخ.
وفي كلامه من أمثال هذا الكفر الصريح ما لا يحد ولا يوصف، وقد تعقبه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى 2\204-284 وغيره، فكيف يوصف مع ذلك بأنه الإمام الأكبر، وبأنه يحيي الدين، وقد انخدع بكلامه الجم الغفير، واعتقدوا أنه آجر الأولياء وأرقاهم منزلة وأرفعهم قدرا، وإنما تفطن له وعرف ما في كلامه من الكفر والضلال أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية الذي تحقق عقيدته، وعرف مواضع أخطائه أو تصريحاته في مؤلفاته، وناقشه في كل ذلك وبين تناقضه وتهافته في كلامه، وذلك في مواضع كثيرة من مجموع الفتاوى وغيره.
فأما قوله: من لم يأخذ الطريق من الرجال... إلخ. فمراده بالطريق مسلك الصوفية، وهو العبادات القلبية أو الأسرار الرمزية، كنوع من اللباس أو إشارات بينهم يتناقلونها ويتلقاها الصغير من الكبير بأسانيد كأسانيد الأحاديث والمؤلفات، فيقول أخذت الطريق عن فلان وأخذها هو عن فلان، حتى تتصل بأكابرهم كالجيلاني أو الحلاج ونحوهما، ولا يكتفون بما عليه المسلمون من تلقي الشريعة من الكتاب الكريم والسنة المطهرة فالطريق عندهم مسلك مغاير لمسلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته وأئمة المسلمين، وقد اشتهروا بتسميتهم أهل الطرق أو الطرقية.
ولا أستحضر شيئا عن تفاصيل طرقهم ورموزهم، ولكني أعتقد أنها خيالية لا يصح الركون إليها؛ لكونهم يؤثرونها على الشرع، ويستغنون بالعمل بها عما عليه أهل الإسلام، وقد أورد ابن القيم في إغاثة اللهفان قصيدة لامية لبعض العلماء في ذمهم، وبيان شيء من أحوالهم، ومنها قول ذلك الناظم -رحمه الله-
إن قلـت قــال الله قـال رسـوله همـزوك همـز المنكـر المتغـالي
أو قلـت قـال صحابــه من بعده فــالكل عنـدهم كشـبـه خيـال
ويقــول قلبـي قـال لي عن سره عـن سر سـري عن صفا أحوالي
عن حضرتي عن فكرتي عن خلوتي عـن شاهدي عن واردي عن حالي
عن صفو وقتي عن حقيقة مشهدي عـن سـر ذاتي عن صفات فعالي
دعـوى إذا حققتهــا ألفيتهــا ألقــاب زور لفقــت بمحــالِ

فهذه حقائق الطرق التي يتبجحون بها هم ومريدوهم، أمثال هذا الكاتب الذي انتحل هذه المناهج المبتدعة، وتحامل على أهل التوحيد ورغب في وسائل الشرك في مذكرته هذه.