إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
تابع لمعة الاعتقاد
51620 مشاهدة
الكلام في المشكل من النصوص

...............................................................................


يقول: وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظا، وترك التعرض لمعناه -أي لتأويله ولصرفه عن مدلوله، أما المعنى الحقيقي فإنهم يثبتونه، يثبتون معناه، فيعرفون أن السمع: إدراك الأصوات. وأن الله تعالى سميع، يسمع دبيب النملة السوداء على الصفاة السوداء في ظلمة الليل، وأنه بصير يري جريان الماء في عروق الأشجار، وأن البصر: هو إدراك المبصرات. وأن العلم: هو إدراك المعلومات. وما أشبه ذلك. فهم يثبتون المعاني.
وأما قوله: ترك التعرض لمعناه: فلعله يريد ترك التعرض لتأويله، أو ترك التعرض لتشبيهه، أو ما أشبه ذلك، أو ترك التعرض لتكييفه. نعرف أن صفات الله تعالى ثابتة؛ ولكن لا نقدر على تكييفها، ولا يصل إليها أفهام البشر؛ بل يثبتونها ويعجزون عن إدراك كيفيتها، وعن إدراك كنهها وماهيتها؛ بل حتى عن إدراك كنه مخلوقاته، نحن نرى هذا القمر؛ ولكن لا ندري من أي شيء هو، هل هو من ذهب هذا القمر، أو أنه من فضة، أو أنه من زجاج، أو أنه من حجارة، أو من تراب؟ هذا القمر الذي نشاهده عجزنا عن إدراك ماهيته، ومن أي شيء هو.
وكذلك هذه الشمس التي تطلع علينا كل يوم، لا ندري من أي شيء هي؛ تصل إلينا حرارتها وشعاعها؛ ومع ذلك نعجز عن أن ندرك ماهيتها، ومن أي شيء هي؟ هل هي نار تشتعل تصل حرارتها إلينا؟ أم هي وبأي شيء تتقد؟ بأي شيء وقودها؟ النار إذا أوقدناها وأكلت ما فيها من الوقود انطفأت، وهذه الشمس دائما وهي تشتعل؛ ومع ذلك لا ندري بأي شيء وقودها، لا ندري ماهيتها، فإذا عجزنا عن إدراك ماهية هذه المخلوقات؛ مع أنها مخلوقات نشاهدها بالأبصار، فكيف مع ذلك نصل إلى معاني؛ يعني إلى كيفية صفات الله تعالى؟ نحن نعرف أن الله تعالى فوق العباد بذاته، ونعرف أنه استوى على العرش؛ ولكن كيفية الاستواء لا نعرفها، ونعرف أن لله تعالى عرش عظيم؛ ولكن من أي شيء هذا العرش؟ من جوهر، من ذهب، من تراب، من خشب، من زجاج؟ لا ندري، الله أعلم بذلك. عجزنا عن إدراك ماهية هذه المخلوقات، فبطريق الأولى عن إدراك كيفية صفات الله سبحانه وتعالى.
يقول: ونرد علمه إلى قائله: يعني: تكييفه إلى قائله، يعني إلى الله تعالى، وإلى رسوله.
ما ورد إلينا من الكنه والكيفية نقول: الله ورسوله أعلم. ونجعل عهدته على ناقله إن كان فيه شيء من الخطأ، فالعهدة على الذين نقلوه، إذا وثقنا بأنهم صادقون قبلنا ذلك، وإذا شككنا فيه نقول: هكذا ورد، فنصدقهم؛ لكونهم هم الذين نقلوا الشريعة لنا، نجعل عهدته على ناقله؛ اتباعا لطريق الراسخين في العلم الذين أثنى الله تعالى عليهم في كتابه المبين بقوله تعالى: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا يعني: آمنا بما جاء من المتشابه الذي نعجز عن كيفيته، المتشابه الذي يشتبه علينا كيفيته وماهيته فنقول: آمنا به كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا هكذا طريقة الراسخين في العلم.