(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
تابع لمعة الاعتقاد
51708 مشاهدة
الصراط حق

...............................................................................


ذكر بعد ذلك الصراط، وأن الصراط حق، يجوزه الأبرار يعني يجاوزونه، ويزل عنه الفجار، يمر الناس عليه.
ينصب الصراط على متن جهنم، يمر الناس عليه بأعمالهم، منهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كأجاود الخيل والركاب، ومنهم من يعدو عدوا، ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يزحف زحفا. وعلى جنتبي الصراط كلاليب مثل شوك السعدان تخطف من أمرت بخطفه، فناج مسلم، ومخدوش ومكردس في النار؛ من اجتذب بتلك الكلاليب واختطف، سقط في النار. وهذا هو الورود المذكور في قول الله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا يمرون على هذا الصراط فمنهم من يحس بلهبها ومنهم من لا يحس بذلك وروي أنها تقول للمؤمن: جز يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي وأنهم يقولون بعدما ينجون: الله تعالى أخبر بأننا واردوها وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا فأين هي؟ فقيل: إنكم مررتم عليها وهي خامدة. فهذا هو المرور.
فالصراط يجوزه يعني يجاوزه الأبرار، ذكر فيه أنه مسيرة ألف سنة؛ ولكن يقطعه المؤمنون في لحظات، وأنه أدق من الشعرة، وأحد من السيف؛ بمعنى أنه دقيق؛ ولكن يمشون عليه على قدر أعمالهم.