إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
حقيقة الالتزام
19123 مشاهدة
حقيقة الالتزام

  ذكرنا أن الملتزم هو ذلك الشاب المستقيم على الشرع والعامل به، والمتبع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه هي حقيقة الالتزام. والأعمال التي يقوم بها الملتزم إما ان تكون من الواجبات ، وإما أن تكون من السنن ، وإما أن تكون من نوافل العبادة ومن نوافل الطاعات ، وإما أن تكون من فروض الكفايات.
والملتزم الذي كمل التزامه مطلوب منه القيام بهذه الأعمال حتى يصْدُق عليه قول: (ملتزم).
 ولتوضيح ذلك نذكر بعض الأعمال على وجه التمثيل حتى نعرف بذلك حقيقة الالتزام، ثم نشير بعد ذلك إلى الحقيقة التي ينبغي أن يكون عليها الناس في اصطلاحهم.
فمثلا : إذا رأى الناس الشاب وقد ظهرت عليه علامات التدين والصلاح قالوا: هذا شاب ملتزم.
فإذا رأوه وقد أعفى لحيته، ورفع ثوبه، وحافظ على الصلاة وسابق إليها، واقترن بأصحاب الخير وصحبهم، وسارع إلى الأعمال الخيرية، وزهد في المعاصي والمحرمات ، وأقبل على حلقات العلماء ومحاضراتهم، وأكب على تعلم العلم الصحيح واقتناء كتب السنة ومجالسة الصالحين، فهذا عندهم: (ملتزم).
وهذه بلا شك من صفات الشباب الملتزم الذي قد حافظ على هذه الصفات ، لأنه عرف أن الله تعالى أمره بذلك وأحبها منه، ولكن هناك من يخالفه في ذلك - وهم كثير على مر الزمان والعصور - من الشباب المنحرف :        فكم دعوه إلى التخلي عن العبادة فخالفهم ونابذهم؛ لأنه عرف أنهم على ضلال وعلى باطل.
 لقد رأينا الكثير منذ ثلاثين أو أربعين سنة قد فشا حلق اللحى في الشباب، وخاصةً في الطلاب الذين يدرسون في المدارس والمعاهد والجامعات.
       لقد تربى هؤلاء الشباب على حلق اللحى ، وسبب ذلك أن الذين ربوهم وعلموهم كانوا على هذه الطريقة فقلدهم من قلدهم، حتى أصبح الأمر مشهورًا لا يُسْتَنْكَر، وأصبح الذين يتكلمون فيه كأنهم يتكلمون في شيء فضولي.
 ولكن وفق الله بعض عباده فعرفوا الحق كما ينبغي، فقالوا:        لماذا هذه المعصية الظاهرة؟!      ولماذا هذه المعاندة الظاهرة؟!
       أليست طاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالتقديم والاتباع؟!        ثم أليس كبار المعلمين وكبار المفكرين العاقلين أولى بتطبيق السنة حتى يكونوا قدوة حسنة لغيرهم ؟!   إنه يجب علينا أن نطبق شرع الله ونعمل بالسنة، ولو لقينا ما لقينا ، فنوفر اللحى ولو استهزأ بنا الآخرون، ولو سخر منّا فلان وفلان ، فما دمنا متبعين وما دمنا متمسكين وكان دليلنا في ذلك الكتاب والسنة، فلا يضرنا الاستهزاء ولا السخرية.
       فلأجل ذلك قام البعض ممن هداهم الله بتطبيق السنة والحرص عليها ؛ غير ناظرين لمن خالفهم من جماهير الناس .
وعلينا أن نعلم أن توفير اللحى سنة يجب اتباعها، وهي من صفات الشاب الملتزم، ولكن ليست هي كل الالتزام .
ومثال آخر: لقد رأينا وترون أن أثرياء الناس وكبراءهم ومشاهيرهم قد ابتلوا بالإسبال، وهو: جر الثياب ؛ بل وجر كل اللباس فخرًا وكبرًا أو خيلاء ونحوها.
إنهم بعملهم هذا قد خالفوا النصوص الصريحة الصحيحة ، التي لا خلاف في ثبوتها ، والتي تحرّم على الإنسان أن يجر ثوبه خيلاء، وأن يسبل في لباسه.
إن العمل بهذه السنة؛ وهو: رفع الثوب إلى فوق الكعب لا شك أنه التزام وتمسك وعمل بالشريعة، وتطبيق للسنة النبوية الشريفة، واستقامة على أمر الله عز وجل.
 ولكن هناك من خالف في الأمر وأطاعوا الشيطان؛ الذي زين لهم سوء أعمالهم فتركوا أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن الشاب الملتزم عليه أن يثبت ولو خالف من خالف ، ولو تنقص من تنقص ؛ لأن الذي يطيع الله ويطيع رسوله صلى الله عليه وسلم ويعمل بشريعته ويكون دليله قويًّا وثابتًا لا يستطيع أحد أن ينتقده أو يرد عليه.
وكذلك هناك أمور أخرى لم نذكرها ينبغي أن يلتزم بها من وفقه الله تعالى للاستقامة ويكون دليله في ذلك الكتاب والسنة.