الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
فتاوى في الطهارة الشرعية وموجباتها
11327 مشاهدة
الفصل الثاني ذكر شروط الوضوء ومحترزاتها

شروطه عشرة كما ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في الرسالة المطبوعة مع ثلاثة الأصول، وهي: الإسلام، والعقل، والتمييز، والنية، واستصحاب حكمها بأن لا ينوي قطعها حتى تتم الطهارة، وانقطاع موجب، واستنجاء أو استجمار قبله، وطهورية ماء، وإباحته، وإزالة ما يمنع وصوله إلى البشرة، ودخول وقت على من حدثه دائم لفرضه.
فبالإسلام يخرج الكافر، فلا يرتفع حدثه؛ لقول الله -تعالى- إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ولأن الطهارة حكم شرعي، فيختص بالمسلمين؛ ولهذا بطلت الطهارة بالردة عن الإسلام أعاذنا الله منها.
وأما العقل فلأن من فقده لا يعتبر له قصد، بل قد رفع عنه قلم التكليف.
وأما التمييز فلأن الصبي لا قصد له، ولم يتكامل نمو عقله، حتى يبلغ سن التمييز، وهو سبع سنين غالبا.
وأما النية فلقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما الأعمال بالنيات فمن غسل وجهه للنظافة أو للنشاط، أو لإزالة النعاس لم يرتفع به الحدث؛ لقوله: وإنما لكل امرئ ما نوى . ثم إن النية محلها القلب، فلا يشرع التلفظ بها، بل يكتفي بعزمه وقصده للطهارة ورفع الحدث.
ثم لا بد أن يستصحب حكمها وذلك أن يعزم على إتمام الطهارة، فلا ينوي قطعها حتى تتم طهارته، فإن نوى قطعها أثناء الوضوء أو الاغتسال، ولكنه كملها بلا نية بطلت طهارته، فعليه الإعادة.
ولا بد أيضا من طهارة الماء ومن إباحته، فإن تطهر بالنجس أو المغصوب لم يرتفع حدثه، وإن ارتفع على قول في المغصوب فإنه يأثم.
وعليه أيضا إزالة ما يمنع وصوله إلى البشرة فإن كان على أعضائه طين أو عجين أو حائل يمنع وصول الماء إلى الجلد لم يرتفع الحدث حتى يزيل ذلك الحائل ويغسل ما تحته، أو يعيد الوضوء بعد إزالته.
ولا بد قبل الوضوء من الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بأحجار أو نحوها، وذلك يلزم بعد التبول أو الغائط، بأن يغسل أثر النجاسة في القبل أو الدبر، حتى ينظف موضع خروجها، فيغسل المحل حتى يعود إلى خشونته، ويزول ما فيه من اللزوجة والرطوبة، والغسل بالماء يسمى استنجاء، وهو أن يصب الماء بيمينه، ويدلك الفرج بشماله، ثم ينظف شماله بعد ذلك، ويكفي الاستجمار، وهو مسح أثر النجاسة بأحجار، أو أعواد، أو خرق، أو مناديل، يكرر المسح حتى يزيل الرطوبة وأثر الغائط، والأفضل أن يبدأ بالمسح أولا ثم يتبعه الغسل بالماء، ويجزئه الاقتصار على الاستجمار إذا لم يتعد الخارج موضع العادة، أما لو انتشر الغائط على الصفحتين فإنه يتعين الغسل. والاقتصار على الاستنجاء بالماء أفضل من الاقتصار على الاستجمار، والجمع بينهما أفضل إن تيسر.
ثم لا بد من انقطاع موجب الوضوء وهو الناقض فمن توضأ ولم ينقطع خروج البول لم يرتفع حدثه، وكذا لو توضأ وهو يأكل من لحم الإبل، ويستثني من ذلك من حدثه دائم، كصاحب سلسل البول، أو القروح السيالة، أو المستحاضة، أو من ابتلي باستمرار خروج الريح، بحيث لا يقدر على الإمساك، فإنه يصح وضوؤه ولو كان في وقت تقاطر البول أو الدم، ولو خرج أثناء الصلاة فإنه يصح وضوؤه لعذر المشقة، ولكن لا بد أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، إلا إذا دخل الوقت الثاني وهو على طهارته الأولى لم يخرج منه شيء فهو على طهارته كغيره، والله أعلم.