يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
كلمة في رئاسة الأمر بالمعروف
4296 مشاهدة
أدلة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعقوبة تاركه

تذكرون أيضا ما ذكره ابن القيم وغيره -ذكر في كتابه الجواب الكافي أحاديث كثيرة في إثم المعاصي وآثارها، ومن ذلك أنه ذكر: أن الله أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أني مهلك من قومك ستين ألفا من شرارهم، وأربعين ألفاً من خيارهم، فقال: يا رب هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟ فقال: إنهم لم يغضبوا لغضبي، وكانوا يجالسونهم ويؤاكلونهم فعذب الله أربعين ألفا وأهلكهم مع أنهم من خيارهم، ولكن كانوا يجالسون أهل المعاصي ويشاربونهم ويؤاكلونهم ولا ينكرون عليهم.
وذكر أيضا أن الله تعالى أمر جبريل أن اخسف بقرية كذا وكذا. فقال: يا رب فيهم فلان لم يعصك طرفة عين. قال: به فابدأ وأسمعني صوته؛ فإنه لم يتمعر وجهه فيَّ قط يعني: ما غضب لله تعالى، وإنما كان غضبه لأموره الدنيوية، أو لا يغضب إذا انتهكت محارم الله.
وذكر أيضا أن بعض بني إسرائيل رأى ابنا له على معصية فقال: مهلا يا بني –هكذا- ما قال إلا: مهلا يا بني؛ بمعنى أنه لم يتمعر وجهه ولم يغضب، وإنما تكلم بهذه الكلمة؛ فعاتبه الله؛ يعني كان غضبك أن قلت: مهلا يا بني! ولم تغضب لله تعالى.
ولا شك أن هذه تسبب الخوف من إقرار المحرمات، ومن السكوت عليها مع القدرة، ومن التهاون بأية ذنب ولو كان صغيرا، فإن التهاون به يسبب كونه كبيرا.
والواقع يشهد بذلك، لا نحتاج إلى تعريف للأمر والنهي؛ ولكنكم تعرفون أن كلمة الأمر ليست مجرد ( افعل )، بل هي الإلزام، وكذلك كلمة: ( لا تفعل ) لا تكفي، بل لا بد من الإلزام، الإلزام بالترك للمنكر، وبالفعل للمعروف، فالأمر يستدعي الإلزام بالفعل، والنهي يستدعي الإلزام بالترك.
ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان وقوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر خير الأمة قال: ثم إنه يأتي بعد ذلك قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته وفي رواية ذكر أنهم: ينذرون ولا يوفون، يخونون ولا يؤتمنون، يشهدون ولا يستشهدون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ؛ وذلك لأن من جالسهم ووانسهم وواكلهم وشاربهم فإنه دليل على أنه لم ينكر عليهم بقلبه، فلا يكون في قلبه من الإيمان مثقال حبة من خردل، نعوذ بالله من هذه الحالة.
التغيير باليد: هو إزالة ذلك المنكر بحيث لا يبقى له أثر ولا عين، فإذا كان عندنا استطاعة وصلاحية في أن نغير هذه المنكرات؛ وجب ذلك علينا، وإذا خشيت أنك تعذب أو تمتهن أو تهان فإنك تغيره باللسان وتبين نكارته، وإذا خشيت من العواقب ولم يكن عندك قدرة انتقلت إلى تغييره بالقلب، وذلك يستدعي كراهيته، والبعد عن أهله وهجرهم، وترك مجالستهم ومؤانستهم، فإذا لم يفعل ذلك؛ فإنه ليس معه من الإيمان مثقال حبة من خردل، نعوذ بالله من هذه الحال.
الله تعالى يغضب لإقرار هذه المنكرات، وإذا غضب فإنه ينزل العقوبة، ورد في الحديث القدسي أن الله يقول: إذا أُطعت رضيت، وإذا رضيت باركت، وليس لبركتي نهاية، وإذا عُصيت غضبت، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد يعني تأثيرا، فمع المعاصي تُسْخِط الله تعالى، ويكون أثرها - أثر- سخط الله على المجتمع كله الذي أقر هذه المحرمات، ولا شك أن إقرارها سبب من أسباب فشو العقوبات.