لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
مجموعة محاضرات ودروس عن رمضان
14361 مشاهدة
التهنئة بقدوم رمضان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
أيها الأحبة في الله: في هذا اليوم الطيب المبارك نعيش فرحتين: الأولى: بمقدم شهر رمضان، وفقنا الله، وبلغنا إياه، والفرحة الثانية: بحضور فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء بالرئاسة العامة لدار .. والأستاذ بالمعهد العالي للقضاء، والشيخ -جزاه الله خيرا- يعني: رغم كثرة أعماله اقتطع جزءا مهما من وقته؛ للقاء بكم والإجابة على استفساراتكم وأسئلتكم. نسأل الله عز وجل أن يثيبه، وأن يحسب خطاه، ونرجو منكم أن تكونوا آذانا صاغية وواعية. نسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والآن نترككم مع فضيلة الشيخ.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإني فرح مسرور بهذه الدعوة، والتي تدل أو تنم عن محبة للخير، ومحبة للتفقه في الدين، ومحبة للإفادة والاستفادة -إن شاء الله- وأعتذر بأني محل النقص، ومحل السهو والغفلة، ولكن من باب المساهمة فاقبلوا ما كان صوابا، ونبهوني على ما كان خطأ، أو فيه نقص وتقصير.
فأولا: أهنئكم ونفسي بإقبال شهر رمضان؛ الذي كان السلف -رحمهم الله- يهنئ بعضهم بعضا بقدومه؛ بل روي أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يبشر أصحابه بقدومه، فخطبهم مرة كما في الحديث الذي رواه سلمان في آخر يوم من شعبان؛ يعني: في اليوم التاسع والعشرين من شعبان، أو في اليوم الثلاثين منه، وأخبرهم بقوله: إنه قد أظلكم شهر عظيم مبارك؛ شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا؛ شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فيه فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه في رزق المؤمن، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتقا لرقبته من النار. قالوا: يا رسول الله، ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم. قال: يعطي الله هذا الأجر لمن فطر صائما على مذقة لبن، أو شربة ماء، أو تمرة، ومن أشبع فيه صائما -أو من سقى فيه صائما- سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة؛ فاستكثروا فيه من أربع خصال؛ خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غنى بكم عنهما، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فلا إله إلا الله والاستغفار، وأما الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما: فتسألونه الجنة، وتستعيذون به من النار ؛ هكذا روي في هذا الحديث بهذا المعنى.
وروي أيضا أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يفرح بقدوم رمضان، فكان إذا دخل رجب يقول: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان .
وهكذا أيضا كان السلف -رحمهم الله- يفرحون بذلك، ويتهانون به، ويدعون الله به، فكانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم، فتكون سنتهم كلها اهتماما برمضان؛ وذلك لأن له ميزات وخصائص، فنذكر بعضا منها على وجه الاختصار؛ حتى لا نطيل معكم: