إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
اللقاء المفتوح الجمعة فجرا
2480 مشاهدة print word pdf
line-top
اللقاء المفتوح الجمعة فجرا

س: هذا سائل يقول: فضيلة الشيخ دائما أذهب إلى الحج -والحمد لله- وأغلب السنوات يكون ذهابي من عقيب فجر يوم الوقوف بعرفة وأكون قارنا، وتأخيري لظروف -الله أعلم بها- ثم أذهب إلى مكة وأطوف وأسعى طواف قدوم وسعي حج، ثم أذهب إلى عرفة من نفس اليوم، وبعد ذلك أؤجل طواف الحج ويكون مع طواف الوداع، فكيف يكون حجي هذا؟ هل هو صحيحٌ وعَمَلِي صحيح؟ أريد الإجابة، أثابكم الله.
السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه. الحج صحيح إن شاء الله ، ولكن في هذه الحال لو اقتصرت على الحج لأنك متأخر، فلو أحرمت بالإفراد لكفاك ذلك، والعمرة تعتمر إما في رمضان وإما قبله أو بعده، وتكفيك تلك العمرة الْمُفْرَدَة، فإن الحج المفرد والعمرة المفردة أفضل من الحج والعمرة المقترنين، في هذه الحال حيث إنك بدأت بالطواف والسعي كفاك السعي الذي مع طواف القدوم، وأخرت الطواف الأخير الذي هو طواف الزيارة وجعلته مع طواف الوداع، وكفاك طواف واحد عن الاثنين.
وهكذا لو كنت مُفْرِدًا، إذا حججت مفردا يعني: أحرمت بالحج فقط، ثم قدمت مكة وذهبت إلى البيت فطفت طواف القدوم وسعيت بعده، ونويت أنه سعي الحج وبقي عليك طواف الزيارة وجعلته مع طواف الوداع فكل ذلك فيه كفاية، وحيث ذكرت أنك تتأخر ولا تذهبُ إلا في صباح يوم عرفة فمعناه أنه فاتك المبيت بِمِنى وهو سُنَّةٌ من السنن، المبيت بمنى ليلة عرفة من السنن ولا ينقص الحج به يعني: ولا يلزمك فدية عليك في حجك هذا الذي هو قران عليك الفدية أي: فدية الْقِرَان التي هي دم، لو كان إحرامك بالحج مُفْرِدًا لسقط عنك دم الْقِرَان.
س: وهذا سائل آخر يقول: فضيلة الشيخ. رجل سب الخالق - والعياذ بالله - في حالة غضب، وارتدع وتاب عن ذلك، فهل تكفي توبته الصادقة، أم لا بد حتى يدخل في الإسلام من جديد؟ أم ماذا يعمل؟ أفيدونا، أثابكم الله.
تكفيه التوبة، لكن عليه أن يحفظ نفسه فيما بقي من عمره، وأن يبتعد عن أسباب الغضب، وأن يُحْدِثَ توبة كلما ذكر ذلك الذنب ويحدث استغفارا، ويُكْثِرُ من الأعمال الصالحة التي تكون مُكَفِّرَةً لذلك الذنب.
س: وهذا سائل آخر يقول: فضيلة الشيخ. ورد في الحديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما معناه: أن الله يُخْرِجُ من النار كُلَّ من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من إيمان، فهل ينطبق هذا القول على الصوفية والرافِضَةِ وبعض المبتدعة، حيث إنهم يُشْهِرون: لا إله إلا الله؟
لا شك أن كلمة: لا إله إلا الله لا تنفع إلا مع الاعتقاد، ومع العمل فالرافضة والصوفية والقبوريون ونحوهم يخالفون معناها، يقولونها بألسنتهم، ولكن يعملون بسواها، حيث إنهم يجعلون مع الله آلهة أخرى.
كلمة: لا إله إلا الله تقتضي: اعتقاد أن كل مألوه سوى الله فإلاهيته باطلة، وهؤلاء -بالنسبة للصوفية- يدعون غير الله، هم يدعون عبد القادر الجيلاني ويدعون التيجاني ويدعون النقشبندي يعني: أئمة لهم.
ويعتقد الرافضة أن عليا سوف يرجع، وأنه فيه وفيه، ويعتقدون أنه يقدر على ما لا يقدر عليه إلا الله، ولذلك يدعونه في الْمُلِمَّات دائما يا علي يا حسين يا حسن يا زين العابدين فينقضون كلمة: لا إله إلا الله بشركهم، والشرك يُحْبِطُ الأعمال، قال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ فكلمة: لا إله إلا الله تقتضي الإخلاص، إخلاص العبادة لله، وتقتضي توحيد الله، يعني: ألا يُدْعَى مع الله أحدٌ، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل.
وتقتضي اعتقاد أن مَنْ سوى الله من المخلوقين فإنه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، حتى الأنبياء، كما قال الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا فإذا كان هذا في حال النبي -صلى الله عليه وسلم- فكيف بعبد القادر ؟! وكيف بالحسين ؟! وكيف بعلي ؟! وكيف بغيرهم ممن يدعونهم مع الله تعالى؟!! فلذلك أحبطوا توحيدهم وإيمانهم، وكلمة: لا إله إلا الله بما عملوه من الشركيات.
س: وهذا سائل آخر يقول: فضيلة الشيخ - حفظك الله، وأمد الله في عمرك على طاعته، آمين – يقول: كثر الكلام في الآونة الأخيرة حول جماعة التبليغ ما بين مادح وقادح، وأنتم يا فضيلة الشيخ ممن نثق في علمهم وسعة اطلاعهم.
فضيلة الشيخ. كنت شابا بعيدا عن الله مُحِبًّا للخير، ولكن كرهت هذا الْخَيْرَ؛ لِتَصَرُّفِ بعض الشباب الذين ينتسبون إليه، حيث إن تصرفهم لا يحمل على القرب منهم، بل ينفر الناس عنهم، والمهم يا فضيلة الشيخ أن الله هداني على يَدِ هؤلاء الدعاة: جماعة التبليغ، ورأيت منهم المحبة، وجلب الخير للغير، وعيشة السلف الصالح، والدعوة إلى الله، والتفاني في ذلك.
فضيلة الشيخ، بعض الشباب المستقيمين يقولون: إنهم صوفية، وبعضهم يقولون: مبتدعة، وبعضهم يقولون: كُفَّار، فنرجو من الله ثم من فضيلتكم تفصيل القول في ذلك؛ حيث إن في هذا المجتمع مَنْ يحتاج ذلك، وفقكم الله.
نعتقد الذي نعرف عنهم يعني: الذين هم من المملكة أنهم دعاةٌ إلى الله، ولا بأس بهم، ولا بأس بأعمالهم؛ وذلك لأنهم تتلمذوا علينا وعلى المشائخ، ودرسوا في المعاهد العلمية، ودرس بعضهم أو كثير منهم في الجامعات الإسلامية، وعرفوا التوحيد، وعرفوا العقيدة، وعرفوا الأعمال الصالحة، وعرفوا الحلال والحرام؛ فلذلك لا نقول: إنهم مبتدعة في عملهم، لا شك أنهم رأوا هذا العمل رأوا أنه أصلح للناس، وهو أنهم إذا رأوا العصاة استصحبوهم، وقالوا: نريد أن تخرج معنا ثلاثة أيام أو أسبوعا أو عشرة أيام .
فهو إذا خرج معهم يقتدي بهم، فيرى أنهم بعد كل صلاة يتحلقون حلقات، ويتدارسون العلم، يقرءون من القرآن، وكذلك أيضا يُلْقُون أسئلة في العلم وفي الأعمال الصالحة، يتأدبون بالآداب الشرعية، فكذلك أيضا يُقِيمُون كل من كان معهم للصلاة آخر الليل فيتهجدون، ويواظبون على الأذكار: أذكار الصباح وأذكار المساء وأذكار الصلوات التي يأتون بها بعد كل صلاة كالأذكار المشروعة، وكذلك أيضا يحرصون على الابتعاد عن الكلام في الأعراض، وعن الغيبة والنميمة، يصونون ألسنتهم عَمَّا يقدح بالإيمان أو ينقص كماله.
فيرجع الذي يصحبهم وقد كره المعاصي؛ وذلك لأنهم لا يستمعون إلى الأغاني ولا إلى الملاهي، ولا يقتنون الصور ولا المجلات الخليعة وما أشبههم، يحرصون على فضائل الأعمال، فصحبهم كثير، فسألناهم: هل هم يدعون غير الله؟ هل هم يدعون الأولياء كعبد القادر أو شمسان أو معروف أو فلان وفلان؟ فقالوا: كلا، بل إنهم ينكرون على مَنْ يدعو غير الله.
هل هم إذا زاروا القبور يتحرون الصلاة عند القبور، يُصَلُّون عندها، ويدعون الأموات فيتبركون بتربة الأموات فيأخذونها ويتمسحون بالقبر؟ فقالوا: كلا والله، بل يحققون التوحيد .
هل هم يُشْرِكون في أعمالهم بالحلف بغير الله، أو قول: من الله ومنك، أو ما أشبه ذلك؟ فقيل: لا والله، لا يفعلون شيئا من ذلك، وإذا كان كذلك فإنهم قد نفع الله تعالى بهم، واستفاد منهم خلق كثير.
كذلك أيضا نعرف أن أصل هذه الدعوة أحدثها بعض الصوفية الذين في الهند وفي الباكستان والذين أحدثوها كانوا على معتقد الأشعرية، وكانوا أيضا يستصحبون أناسا كثير من الذين ألفوا عبادة القبور، فأولئك لا نحبهم، ولا نشجع على صحبتهم، أولئك الذين هم على معتقد الصوفية وعلى معتقد القبوريين .
وأما الذين سلكوا هذه الطريقة التي هي: الدعوة إلى الله بالفعل، ولم نعرف منهم الشرك وما أشبه ذلك، فلا ننكر عليهم، بل نقرهم على هذا، ونرى أنه وسيلة من وسائل الدعوة، وأن هذا مؤثر ومفيد يعني: طريقتهم، قد تقول: إنهم لا يبحثون في أمور العقيدة، فنقول: إننا سألناهم أو وَكَّلْنَا مَنْ يسألهم، فرأيناهم على عقيدة أهل السنة والجماعة، ولكن كأنهم يقولون: إن بحثنا في أمور العقيدة، يعني: في أمور الصفات وما أشبهها قد يسبب شيئا من الشك أو من الحيرة، فيؤمنون بأسماء الله وصفاته إيمانا مُجْمَلًا.
وكذلك أيضا أنهم لا يبحثون في التوحيد ولا يقرءون فيه، فسألنا: هل عندهم شركيات؟ هل هم يحلفون بمخلوق، أو أنهم يَشُدُّون الرحال للقبور أو ما أشبه ذلك؟ فلم يوجد ذلك فيهم، يختارون القراءة في فضائل الأعمال، القراءة في كتب الفضائل كرياض الصالحين وحياة الصحابة التي فيها فوائد وفضائل الأعمال، والْحَثُّ على محاسن الأخلاق وما أشبه ذلك، ولا ينقصهم ذلك.
فأما طرق الصوفية وأولئك الذين كانوا على تلك الطريقة التي هي: طريقة الصوفية، ودعاة أولئك الذين هم من الباكستانيين ونحوهم فلا نشجع على ما كانوا عليه من بدعهم ومحدثاتهم، لا مانع من أن نسلك بعض طريقتهم، إذا قالوا مثلا: نجعل من البرامج زيارة الأمراء وزيارة القضاة والمسؤولين والتفاهم معهم، فهذا لا بأس به، إذا جعلوا مثلا من برامجهم أننا إذا خرج بعضنا فالآخرون يقتصرون على الجلوس، ويدعون لهم بالتوفيق وبالسداد، فلا مانع أيضا من ذلك، أن يقولوا: نحن نخرج إلى زيارة القاضي فلان، أو التاجر فلان، وأنتم اشتغلوا بالدعاء لنا بالتوفيق لعل الله أن يُسَدِّدَ عملنا، لا مانع من ذلك.

وكذلك التزامهم بالأدعية عند دخول المسجد، يَدْعُون ويعرفون أن بعضهم لا يحسن الدعاء بالعربية، فيدعو أحدهم ويُؤَمِّنُ الباقون، يعني: فأخذ ذلك أولئك الذين سلكوا طريقتهم، فقالوا: يدعو واحد منا، وهو: الذي يحفظ الدعاء جيدا، والبقية يُؤَمِّنون على دعائه، وكذلك أيضا حلقاتهم لا يذكرون الله بالذكر الجماعي، ولكن يتحلقون وكل منهم يُسَبِّحُ لنفسه، ويُكَبِّرُ ويحمد ويُهَلِّلُ ويستغفر ويدعو، وليس ذلك ببدعة؛ لأن الأدعية بابها مفتوح، وما ذُكِرَ من أن ابن مسعود - رضي الله عنه - خرج على حلقات في المسجد، وفيهم واحد يقول لكل حلقة: كبروا مائة، فيرفعون صوتهم بالتكبير الجماعي، أو هللوا مائة، فأنكر عليهم ابن مسعود - رضي الله عنه - فمثل هذا لا شك أنه بدعة .
وأما إذا التزموا أن كلا منهم يمتثل الذكر فإن هذا لا مانع منه، بل هو من ما رغب فيه، ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: من قال سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانتْ مِثْلَ زَبَدِ البحر وثبت أنه قال: كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم وأمثال ذلك من الترغيب في الأدعية .
وكذلك أيضا إذا كان من طريقتهم أنهم يلقنون كل مَنْ صحبهم ما يُدْعَى به في كل مناسبة، يلقنونهم دعاء دخول المسجد، ودعاء الخروج منه، ويلقنونهم دعاء القيام من المجلس الذي هو: كفارة المجلس، ويُلَقِّنُونهم أيضا الأدعية: أدعية الصباح، وأدعية المساء، وأدعية النوم، والأذكار بعد الصلوات، وما أشبهها، فكل ذلك عَمَلُ خير، فلا يُنْكَر عليهم.
أما إذا رُئِيَ منهم بدع فلا يُوَافقون عليها، يعني: كإحياء ليلة الْمَوْلِدِ، وهذا ليس بمعروف عند تلاميذ المشائخ في هذه البلاد، وكذلك تخصيص ليلة النصف من شعبان -كما هي عادةٌ عندهم هناك في الهند وما حولها- بقيام، تخصيص ليلة الإسراء بقيام، أو ما أشبه ذلك.
فننتبه إلى أن المعروفين الذين هم من أهل العقيدة، ومن أهل التوحيد لا بأس بالخروج معهم، ونقول: يكون الخروج معهم في داخل الْمَمْلَكَة في القرى التي يكون فيها شيء من الجهل أو من النقص أو من العصاة، لا بأس بالخروج معهم، ويجوز ذلك أيضا في القرى، أو في المدن النائية أو الكبيرة، ويجوز في بعض الدول المجاورة كالكويت وقَطَر وبعض قرى الإمارات لا مانع من الوصول إليهم، فليس هناك - والحمد لله - ما يدفع إلى البدع والمنكرات.

س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ. يعلم الله أننا أحببناك قبل أن نراك، ولما رأيناك ازددنا لك حُبًّا في الله، وسؤالي: هل يجوز لي أن أصرف الطلاب الحصة السابعة، علما بأنها حصة تربية بدنية، وأنا مدير مدرسة، وعلما بأن المدرسة في الْبَرِّ أي: في القرى، وإخوان هؤلاء الطلاب ينتظرونهم من الحصة الرابعة، فما رأيكم؟ أثابكم الله.
إذا كانت حصة بدنية، يعني: ليس فيها شيء من العلوم التي تفوت عليهم، فلا مانع من الترخيص لهم في بعض الأحيان، فإذا كان هناك مسئولية فعليك أن تتمشى على الأنظمة والتعليمات، وإذا كان هناك مَنْ ينتظرهم ويتضرر بانتظارهم فلا مانع من أن تُرَخِّصَ لهم في بعض الحصص أحيانا للضرورة .

س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ أرجو إفتائي حول مسألة التعامل مع شركة الراجحي لتقسيط السيارات، حيث إن الكلام كثر فيها، علما أنه يوجد هناك صالات في بعض المدن، أرشدوني حول هذا الأمر والتعامل معه، هل هو جائز أم مُحَرَّم؟ أثابكم الله.
إذا كانوا يملكون السيارات فلا مانع من الشراء منهم بالآجل وتقسيط القيمة شَهْرِيًّا، لا مانع من ذلك؛ لأنهم مثل غيرهم، السلع موجودة عندهم، فإذا قالوا: هذه السِّلَع عندنا، اشترينا هذه السيارة مثلا: بخمسين ألفا، ونبيعها بالتقسيط بِسِتِّين أو بسبعين، حسب الاتفاق وحسب الأقساط، لا مانع من ذلك، وهكذا أيضا غير هذه الشركة مِمَّنْ يملكون السيارات، فأمَّا الذين لا يملكونها فيبيعون شيئا قبل أن يدخل في ملكهم فمثل هذا لا يجوز.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ هل يجوز للمرأة أن تأخذ عقاقير منع الحمل؛ لتمنع نزول الحيض عليها أيام الحج أم لا؟
يجوز ذلك إذا لم يكن فيها ضرر، وإذا خافت أنها تحبس أهلها ينتظرونها أيام عادتها فلا مانع من العلاج لإيقاف دم العادة، إذا لم يترتب عليه ضرر.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ ما حكم أخذ الثأر في بلد لا يحكم بالشرع ؟
تسمى هذه بمسألة الظفر، وهو: كون الإنسان له حق يعلمه يقينا، وليس هناك حكم شرعي، ويعرف أنهم لا يثبتون حقه، أو ليس عنده بينات ولا أمارات ولا إثباتات، فيقول: سوف آخذ حقي بنفسي متى قدرت عليه، أجازها كثير من العلماء؛ واستدلوا على ذلك بحديث هند أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص لها أن تأخذ من مال أبي سفيان زوجها بالمعروف ما يكفيها ويكفي أولادها، ولو لم يعلم بذلك زوجها، فهذا دليل مَنِ استحبها، فإذا كنتَ في بلدة تعرف أن حقك يضيع، وأنه لا حيلة لك إلا أن تأخذه على وجه الاختلاس أو على وجه الاحتيال فلا مانع من ذلك، ما لم يترتب على ذلك حَلِفُ كذب، أو شهادة زور، أو ما أشبهها.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ هناك في التلفاز مسابقة يقولون: اشْتَرِ بطاقة تليفون من السوبر ماركت بخمسة عشر ريال، وأنت وحظك، إن أصبت فلك أربعة آلاف ريال، وإن لم تصب ليس لك شيء، فهل هذا جائز؟
جائز إذا كانوا يردون عليك خمسة العشر إذا لم يحالفك الحظ، فإذا كانوا يردون على كل مَنْ لم يظفر ولم يحظ بجائزة يردون عليه الخمسة عشر فلا مانع، أما إذا كانوا يأخذون مثلا من مائة، أو من ألف إنسان، كل واحد يأخذون منه خمسة عشر، ثم إنما يكون الفائز واحدا أو ثلاثة أو خمسة والبقية يأخذون أموالهم، ولا يَرُدُّون عليهم شيئا، فنرى أن هذا من الظلم، ولا يجوز المساهمةُ مع هؤلاء.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ يوجد شخص في وظيفة، ووظيفته تبعد عنه ما يقارب مائتي كيلو متر،.. وبمن قال النصف كله صحراء، وهو رب أسرة كبيرة، وكلهم صغار، ويحتاجونه في الإتيان بحوائجهم، والقضاء عليهم، وكذلك يشعرون بالأمن عند وجوده معهم، والعمل يكفي في إقامته شخص واحد، فهو يقوم بالعمل أسبوعا، وينوب عنه الموظف الآخر أسبوعا، والأسبوع الآخر يكون هذا الرجل عند أهله مع أبنائه، وعلما بأنه مدير الدائرة، وهذه الدائرة في قرية صغيرة، فهل هذا يجوز أم لا؟ أفيدونا أثابكم الله.
أولا: عليه أن يطالب بنقله إذا كانت عليه هذه المشقة، نقل عمله إلى بلده، حتى لا يتكلف بذهابه هذه المدة، ويغيب عن أولاده هذه المدة الطويلة، فأَهْلُهُ بحاجة إليه.
ثانيا: إذا لم يُوَافق على النقل، وقَدَر على أن ينتقل بأهله في تلك القرية يستقر هناك ذلك الشهر أو تلك السنة أو ما أشبه ذلك فهذا هو الْأَوْلَى، فإذا كان لا يقدر لدراسة أولاده، أو نحو ذلك من الأعمال، ووجد مَنْ يقوم بالعمل قيامًا كاملًا، وأذن له رئيسه، أو المسئول عنه في أن يداوم أسبوعا ويُوَكِّل أسبوعا فلا مانع منه.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ سمعت عن ابن تيمية وابن القيم - رحمهما الله - أنهما قالا: إن نار جهنم تفنى وتنتهي، فما صحة ذلك؟ أفيدونا أثابكم الله.
ليس بصحيح، لا يوجد هذا في كتبهم، ولو نقل ذلك بعض المغرضين، لا شك أن ابن القيم - رحمه الله - في كتابه حادي الأرواح تكلم على المسألة أبدية الجنة ، وأطال فيها، وذكر حجج هؤلاء وحجج هؤلاء، ولم يرجح قولًا من القولين، لما تكلم على أبدية النار لم يُرَجِّحْ أنها تفنى أو أنها تبقى، بل يظهر من كلامه قوة حجج الذين قالوا: إنها تفنى يعني: النار، ومع ذلك تحاشى أن يجزم بذلك .
وهذا أيضا مثل ما تكلم عليه في أول هذا الكتاب من الجنة التي أُسْكِنَهَا آدم هل هي جنة الخلد، أو أنها جنة خاصة أُسْكِنَ فيها آدم ؟ فذكر القولين، وحُجَجَ كل قول، ولم يُرَجِّحْ يعني: ترجيحًا ظاهرًا، وإن كان الأصل أنه هو وأهل السنة يعتقدون أن الجنة عند الإطلاق هي: جنة الخلد، جنة الآخرة، فعلى كل حال لا يجوز الجزم بأن شيخ الإسلام وتلميذه يجزمان بهذا القول: إن الجنة تفنى، وقد كتب في ذلك كثير من العلماء، وأيَّدُوا أنها باقية، وأنها دائمةٌ، استدلوا عليها بالأدلة الكثيرة، منها: أدلة التأبيد كقوله تعالى: خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ونحو ذلك.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ أنا شاب ملتزمٌ - ولله الحمد والْمَنُّ - ولكن يا فضيلة الشيخ والدي بينه وبين أخي الأكبر- الأكبر مني- بعض المشاكل، ويمنعني والدي من زيارة أخي أو الكلام معه، وإذا علم أبي بأني زرته غضب علي، وقال: أنت تعصيني، فهل أطيع والدي وأقطع الرحم، أم أصل الرحم؟ علما أنني حاولت أكثر من مرة بالصلح بينهما، إلا أنه لم يثمر شيئا. أفتونا مأجورين .
لا شك أن هذا خطأ من والدك في هذا، فعليك نصيحته بالصلح، وعليك أيضا نصيحة أخيك، ونصيحة أقاربك أن يتدخلوا بينهما، وأما قطيعة الرحم فإنها ذنب ومعصية، لا تُطِعْ أحدا في فعل هذه المعصية، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ومع ذلك احرص على الجمع بينهما، واحرص على التماس رضا والدك بكل وسيلة.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ عن الْهَدْيِ في الحج للمتمتع أو القارن هل يأكل من الذبيحة وينفق منها، ويرجع إلى أهله منها بشيء، أم الأفضل أن ينفقها صدقة جميعها في مكة ؟

بالنسبة لهدي التمتع وهدي القران وهدي التطوع الله تعالى أمر بالأكل منه والإطعام، قال: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ فالقانع هو: المتعفف، والمعتر: هو السائل الذي يمشي ويطلب، وكذلك البائس الفقير، وأما بالنسبة للأكل منها فإنه يأكل ويطعم رفقته، وله أن يتزود، قد تزود النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى وصل إلى المدينة يعني: أخذ معه شيئا من القديد، وما زالوا يأكلون منه، هذا هَدْيُ التطوع، وهدي التمتع، وهدي القران .
النبي -صلى الله عليه وسلم- أهدى معه في حجة الوداع مائة بدنة، سبعون جاء بها من المدينة وثلاثون جاء بها عَلِيٌّ من اليمن ومع ذلك ذبحها كلها، وأمر بتفريقها على المساكين، ولا شك أنه بقي منها بقية، عملوه قديدا وجففوه، وصاروا يأكلون منه إلى أن وصلوا إلى قرب المدينة
وأما دم الْجُبْران كالذي عليه دمٌ لِتَرْكِهِ واجبًا: إذا ترك المبيت بمزدلفة أو المبيت بمنى ورمي الجمار، أو انصرف من عرفة قبل غروب الشمس، وقلنا: عليك دم، فهذا خاص بأهل مكة لا يأكل منه، بل يفرقه على مساكين الحرم، وهكذا دم الجزاء: جزاء الصيد، إذا صاد صيدا أُمِرَ بأن يذبح مثله، أو ما يقاربه من بهيمة الأنعام؛ لقوله تعالى: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ فهذا أيضا لا يخرج به، ولا يأكل منه؛ لقوله تعالى: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ .
وكذلك إذا كان عليه فدية محظور، وكان عليه دم، فإنه لا يأكل منه، بل يطعم للمساكين، فعندنا دم التمتع، ودم القران، وهدي التطوع يأكل منه، ويُطْعِمُ ويتزود ويُطْعِمُ أهل مكة ويعطي المساكين ونحوهم.
وعندنا دم الجبران وفدية المحظور وجزاء الصيد هذا لا يأكل منه .

س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ تُوُفِّيَ والدي وعليه ديون متفرقة لعدة أشخاص، كذلك عليه قروض من صندوق التنمية العقاري، وقد حل منها عليه قبل وفاته أربعون ألف ريال، وبقي مائتان وعشرة آلاف ريال لم تُحَلَّ إلى الآن، وسؤالي - يا فضيلة الشيخ - هل يعد هذا القرض من الدَّيْنِ على والدنا، سواء جزء منه أو كله؟ وإذا لم يكن من الدَّيْنِ على والدنا فهل يجب علينا إسقاط اسمه من هذا القرض أم لا؟ أفيدونا أثابكم الله .
يتحول الدَّيْنُ إلى مَنْ يملك ذلك البناء، الذي هو: تلك العمارة التي عمرت من البنك بذلك القرض، وحيث إنكم ورثتم هذه العمارة فإن البنك ليس له شغل بالذمة، وإنما شغله بهذه العمارة ومَنْ يملكها؛ ولأجل ذلك تبقى رهينة عند البنك، راهن لها لا تقدرون على بيعها إلا بإذنه، فعلى هذا يتحول الدَّيْن ما حل منه، وما لم يحل في ذمة الورثة فلهم أن يسددوه دفعة، ولهم أن يسددوه أقساطا، وتبرأ ذمة الميت، ولو كان بعضه قد حَلَّ في حياته؛ لأن الرهن يكون وثيقةً لأهله.
وهكذا الديون التي فيها رهن -ولو لغير البنك- إذا مات الراهن تحولت في ذمة الورثة، الذين يملكون تلك العين المرهونة، فعلى هذا لكم الخيار: إنْ أردتم أن تُسَدِّدُوا جميع ذلك دفعة واحدة، وإن أردتم أن تسددوه أقساطا - كما كان نظام البنك -.
س: وهذا سائل أو هي سائلة تقول: امرأة يستمر الدم معها، ومدتها الشهرية عدتها خمسة أيام، وبعدها ترى صفرة فقط، ولا ترى القصة البيضاء إلا بعد اثني عشر يوما، فهل الصفرة تعتبر من الدورة الشهرية، وحتى يستطيع زوجها جماعها؟ وإذا استمرت الصفرة بعد اثني عشر يوما هل تبقى متوقفة عن الصلاة؟ أفيدونا أثابكم الله .
ذكروا أن الصفرة والكدرة في زمن العادة حيض ولكن كأنهم يريدون فيما إذا كانت زمن العادة المعتادة، وأما بعد انتهاء العادة فلا تعد من الحيض.
ذكرت أم عطية -رضي الله عنها– قالت: كنا لا نُعِدُّ الصفرة والكدرة شيئا، وفي رواية: بعد الطهر، وحيث إن هذه مدة طويلة، يعني: تبقى سبعة أيام وهي لا ترى إلا هذه الصفرة قد تكون قليلة، فنرى أنها لا تترك الصلاة، بل إذا انقطع الدم الذي هو الدم المعتاد أحمر أو أسود إذا توقف ذلك، وما بقي إلا هذه الصفرة التي هي أشبه بغسيل اللحم ونحوه، فنرى أنها لا تمنعها من الصلاة، ولا تمنع زوجها منها.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ هل السنة التي قبل صلاة العصر ثابتة ومؤكدة، ومن السنن التي يُحَافظ عليها، وهي أربع ركعات؟ أفيدونا أثابكم الله .
ورد فيها حديث صحيح: رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا هذا حديث وإن لم يكن في أحد الصحيحين، ولكنه صحيح ثابت، فَمَنْ واظب عليها حظي بهذه الدعوة: رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا .
رويت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكن ذلك لم يثبت، تكلم عليها ابن القيم - رحمه الله - في كتابه زاد المعاد، وبَيَّنَ أنها لم تثبت من فعله، ولكن يكفي ثبوتها في هذا الحديث، فَمَنْ واظب عليها فله الأجر، ومَنِ اقتصر على ركعتين كتحية المسجد فله أجره.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ هل يجوز الدعاء على من ظلمني من قبل الآخرين، أو لا يجوز؟
نرى أنك لا تدعو عليه في الدنيا فتكون بذلك قد استوفيت ظلامتك في الدنيا.
إذا عرفت أنه لا يفيد فيه هذا الدعاء فعليك أن تصبر وتحتسب؛ حتى تأخذ نصيبك وظلامتك من أعماله في الدار الآخرة، إنْ قدرت على أن تُخَلِّصَ ظلامتك منه في الدنيا، أو قدرتَ على مَنْ ينصحه حتى يتخلى من هذه الظلامة، فإن ذلك من باب النصيحة، توصي فلانا وفلانا أن ينصحه كل منهما، وأن يبينوا له إثم الظلم وعاقبته، لعله أن يتوب ويرعوي.
أما الدعاء عليه فقد تصيبه تلك الدعوة فيكون في ذلك ضرر عليه وعلى أهليه ونحو ذلك، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن دعوة المظلوم مستجابة وأن الله يرفعها فوق الغمام، وأنه يقول: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين وأخبر بأنه ليس بينها وبين الله حجاب، ولكن قد تتأسف إذا رأيت تلك الدعوة أصابته فيتضرر هو، ويتضرر أهلوه، فالأفضل التحمل والصبر، أو السعي في تخليصه من الظلم.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ يزعم بعض الناس أنه من التنفير أن تُبَين حكم شرب الدخان مثلا في مجلس وأنت تعرف أن فيهم مدخنين، ويقولون: الواجب أن تذهب إليهم في بيوتهم وتنصحهم، فما رأي فضيلتكم في مثل هذا؟ أثابكم الله .
ليس هذا من التنفير، بل هو من التحذير، فإذا جلست في مجلس وجاء فيه أحدٌ يُعْلِنُ الدخان، فإن عليك وعلى أهل المجلس أن يخرجوه، أو يمنعوه من إعلان شرب الدخان؛ احتراما لإخوانه الذين لا يتعاطون هذا الداء، قد سلمهم الله وحفظهم.
ذكر الأطباء أن رائحة الدخان تؤثر على مَنْ حول المدخن؛ ذلك لأنه يلوث الجو الذي حوله، فالذين حوله يشمون أو يتنفسون من ذلك الجو العكر الذي قد لوثه بدخانه فيكون ذلك ضارًّا بصحتهم، حتى قرأت في بعض الكتب كتابا ألفه كافر أو نصراني يقال له دانيال أو قريب من هذا اسمه: الدخينة في نظر طبيب، وتُرْجِمَ إلى العربية، ترجمته دكتورة مصرية، الحاصل أنه ذكر فيه: أن الواجب على المدخن أن يبتعد عن الآخرين، ولو أن ينزل في أسفل جُبٍّ، أو في أعلى كهف من جبل؛ حتى لا يضر من حوله، هكذا قال، يقول: إذا رأيتم المدخن فأبعدوه عنكم، ولو لم ينزل إلا في جُبٍّ، يعني: في أسفل بئر، أو في أعلى جبل؛ حتى لا يضركم، وإن كان في ذلك شيء من المبالغة.
فعلى كل حال إذا رأيتم المدخن في مجلس من المجالس فإياكم أن تُبْقُوه معكم، ولا يكون في ذلك تنفير، بل إنما فيه نصيحة وتحذير، تعرفون أن الدول الكبرى ومنها الدول التي تتنجه كأمريكا تنتج منه وتبيع منه بمئات البلايين، ومع ذلك فإنها تُحَذِّرُ منه، فتمنعه أن يُشْرَبَ في طائراتها، كل طائرة مسافة سفرها ساعتان، أو نحوها يمنع منعا باتا....
ويمنعوا الشباب الذين دون السابعة عشر؛ لأنه يفسدهم، يمنعون منه، ويمنعون أيضا مِنْ بيعه وترويجه في الأسواق، ولا يُبَاع إلا في الأماكن الكبيرة، وهم مع ذلك كفار، ليس فعلهم هذا لأجل الدين؛ وإنما هو لأجل الحماية من أضراره، فكيف نُقِرُّهُ، ونحن نحكم بأنه حرام، وبأنه مُفَتِّرٌ، وبأنه ضارٌّ ضررًا بَيِّنًا، وبأنه خسارة يدفع فيه أموال طائلة؟! فعلينا أن نُحَذِّرَ مَنْ يشربه، وأن نبتعد عنهم، وأن نُبْعِدَهُمْ عن مجالس غيرهم.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ هل يجوز جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة؟
يجوز ذلك للمسافر الذي في الطريق، لو مثلا: سافرت إلى الأحساء مثلا، أو نحو ذلك، ومررت.. سرت في يوم الجمعة في الساعة العاشرة مثلا في الضحى، وألهاك وقت صلاة الجمعة، وأنت مثلا في الدوادمي أو في القصيم تريد أن تواصل السير، ففي هذه الحال تصلي الجمعة، وتنويها ظهرا مقصورة ثم تصلي معها العصر، وتواصل سيرك إلى الليل.
أما لماذا لم يذكر العلماء الجمع بينهما؟ فالجواب: لأنهم ما كانوا يتصورون هذه المراكب السريعة، لو سار مثلا أحدهم على بعير ما وصل إلى أقرب جمعة إلا بعد يوم أو بعد يومين، ما كانوا يتصورون أنك إذا سافرت يوم الجمعة قد تمر بعشرة جوامع أو بأكثر، فلذلك نرى أنه لا بأس بالجمع بينهما.

س: وهذا سائل يقول: المسافر الذي لم يمكث في البلد أكثر من أربعة أيام، هل تلزمه صلاة الجماعة في المسجد أم لا؟ أفيدونا أثابكم الله .
المسافر إذا كان مثلا غير مستقر في البلد، إنما هو في سيارته يبيت فيها ويأكل فيها مثلا، أو نزل تحت شجرة، أو بنى له خيمة صغيرة في ظاهر البلد، فمثل هذا له أن يقصر ولو طالت المدة، ولو زادت على الأربعة وعلى العشرة، وأما إذا استقر في البلد فالمختار: أنه لا يقصر، إذا سكن في شقة أو في فندق أو في بيت لأحد أصحابه، نزل معه وتمتع بما يتمتعون به، عنده الفرش وعنده الماء، وعنده الأنوار وعنده المكيفات، وعنده خدمة، فلا فرق بينه وبين المقيمين.
ولو كانت إقامته يوما أو يومين يلزمه الإتمام، ويلزمه الصلاة مع الجماعة.
المسافر إذا لم يشق عليه، ولو كان مثلا في سيارته، ومر بجماعة نختار له ألا يصلي وحده، بل يُصَلِّي مع جماعة؛ ليحصل له الأجر المضاعف سبع وعشرون درجة، أما إذا لم يتيسر له الجماعة، وهو عابر سبيل، وصلى وحده، فله ذلك.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ ما الحكم رجل يريد الحج وهو لم يحج أبدا، ولكن عليه ديون كثيرة، وبعضها قد نسي أصحابها، ومبالغها قليلة، هل يحج أم ماذا يفعل؟ أفيدونا أثابكم الله .
هذا يفعله، أو يظنه كثير من الناس: أن الحج لا يجوز لمن عليه دين، فالجواب أن نقول: سبب ذلك أن أهل الدين - غالبا - يمنعونه من السفر، فإذا كانوا لا يمنعونه من السفر فعليه أداء الحج، ولا يتساهل بترك الحج، وكذلك إذا كانوا لا يمنعونه من الولائم وما أشبهها، بعض الناس يسافر أسفارًا طويلة، يسافر مثلا إلى الرياض ويسافر إلى الأحساء أو إلى الدمام أو إلى مثلا الطائف أو جدَّة أو المدينة أو تبوك أو أطراف البلاد، وعليه ديون، ولا يستأذن من أهل الديون، وإذا جاء الحج ترك الحج، وقال: عَلَيَّ دَيْنٌ.
أهل الدَّيْنِ لو كانوا يمنعونك من مكة لمنعوك من جدَّة ولمنعوك من الطائف مثلا، أو من جيزان أو من الرياض فإذا كانوا يعرفون أنك تسافر إلى الرياض أو تسافر إلى القصيم ولا يمنعونك، ولا يقولون: أَعْطِنَا أجرتك، لا نسمح لك بالسفر الذي تنفق فيه مائة أو مائتين، هذه المائة أعْطِيناها ولا تسافر! فإذا كانوا لا يمنعونك من السفر إلى الطائف مثلا، أو إلى جيزان أو إلى الأحساء ونحو ذلك، فثق أنهم لا يمنعونك من مكة فنفقتك إلى الحج قد تكون مثلا: ألفا أو نصف الألف أو ما أشبه ذلك، وكذلك قد تكون نفقتك إذا سافرت إلى الرياض .
فعلى هذا لا يكون هذا عذرًا إلا إذا كانوا يمنعونك، لو كانوا يمنعونك من كل سفر، حتى لو سافرت مثلا: إلى الجابية أو إلى الدوادمي منعوك، وقالوا: أعْطِنَا أجارك الذي تصرفه، أو أعطنا نفقتك التي تصرفها.
وكذلك يمنعونك من الولائم، إذا نزل بك ضيف وذبحت له ذبيحة اشتكوك عند القضاة، وقالوا: هذا ينفق هذه النفقات، ولا يعطينا حقوقنا، يمنعونك من أن تضيف ضيفا تنفق عليه مثلا: خمسين ريالا أو مائة ريال، ويقولون: لا تضيف أحدا، بل هذه الضيافة أوفنا بها، يمنعونك من كل ذلك، فلك حق بأن تترك الحج، وتترك جميع الأسفار، وأما إذا كانوا لا يمنعونك من ضيافة، ولا يمنعونك من أسفار، فثق أنهم لا يمنعونك من الحج .
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ هل يجوز للشخص إذا كان عسكريًّا أن يحج بلبسه الرسمي، وهو يلزم بالعمل في مكة كل سنة، ولا يجد له فرصة في أن يحج لارتباطه بالعمل، فماذا يعمل؟ أفيدونا أثابكم الله .
يجوز ذلك، ويكون عليه فديتان، فدية تغطية الرأس بالقبعة، وفدية اللِّبَاس الذي هو: البنطلون الذي يلبسه كلباس عسكري، إذا تمكن من أن يقف بعرفة إلى الغروب، وتمكن مِنْ أن يأتي إلى المزدلفة إلى الصباح، وتمكن من أن يبقى في منى في أيام منى وتمكن من أن يرمي الجمار في أوقاتها في وقت الرمي، وتمكن بعد ذلك من الطواف ولو بعد مدة، ولو لم يطف طواف الحج إلا في اليوم الخامس عشر، أو السابع عشر.
فرؤساؤه والمسئولون عنه لا يمنعونه من أن ينوي، ولا يمنعونه من أن يقول: لبيك حجة، أو لبيك اللهم لبيك، ما يمنعونه، فله أن يلبي وهو في وظيفته، لو كان مثلا من المرور الذين يدبرون أمر السير، يلبي وهو يحرك يده للمارِّ: سر يا فلان ولا تقف، ما يمنعونه من قول: لبيك اللهم لبيك، فالحج نية، إذا كان يتمكن من الوقوف بالمشاعر وإتمام المشاعر؛ فحجه صحيح.
فديته التي عليه يُخَيَّرُ، يقال له: إما أن تصوم ستة أيام: ثلاثة عن تغطية الرأس، وثلاثة عن اللباس، أو تُطْعِم ستة مساكين وستة مساكين، أو تذبح شاة وشاة، لك الخيار في ذلك، افعل ما هو الأسهل، إذا اخترت الذبح فيكون الذبح بمكة لمساكين الحرم، فدية محظور، وإذا اخترت الصيام فتصوم في كل مكان، وإذا اخترت الإطعام فلا بد أن يكون لمساكين الحرم .
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ رأيت من الشباب في عجيب من يهاجم الدعاة ويبدعهم، ويحذر منهم !! فما رأيكم - بارك الله فيكم - في مثل هؤلاء؟ أفيدونا أثابكم الله .
لا شك أن هؤلاء من الذين يبغضون الدعوة، ويبغضون الحق، كما نسمع أيضا كثيرا الذين يهاجمون الهيئات، هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لماذا؟ لأن الهيئات يطاردونهم؛ ولأن الهيئات يتفقدونهم في الصلوات مثلا، فيجلدون مَنْ يتخلف؛ ولأن الهيئات ينكرون عليهم إذا تعاطوا الدخان، أو تعاطوا شرب المسكرات، أو تعاطوا المخدرات، أو اجتمعوا على غناء أو لهو؛ فلأجل ذلك يتفكهون بأعراض الدعاة، وكذلك بأعراض الهيئات ويسبونهم، ويُقْذِعُون في السب، وينشرون لهم سمعة سيئة، ويولدون عليهم أكاذيب، ولا حجة لهم في ذلك .
فالدعاة المصلحون قد نفع الله تعالى بهم في محاضراتهم وحلقاتهم وخطبهم وكلماتهم التي يتكلمون بها في الإذاعة ونصائحهم ونشراتهم، نفع الله بهم، وليس لهم دليل على ذلك، نقول: هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ إذا كنت صادقا فاذهب إلى الداعي وناقشه، وقل: إنك قلت كذا وكذا، فانظر هل تغلبه أو يغلبك؟ نثق بأنه سوف يغلبك، وأنه لا قدرة لك على أن تحتج عليه، واذهب أيضا إلى ذلك العضو من الهيئة وأخبره، وقل: إنك فعلت وإنك قلت كذا وكذا، وإن عليك من الخلل كذا وكذا، إن كنت صادقا فإنه يدعو لك، ويسترشد بإرشاداتك، وإن كنت كاذبا رَدَّ عليك، وبَيَّنَ خطأك، فإما أنكم تتكلمون فيهم بالمجالس، وتُوَلِّدُون عليهم تلك الأكاذيب؛ حتى تنفروا عنهم وعن قبول مواعظهم وإرشاداتهم، فإن ذلك من بغض الحق، والتنفير عنه.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ كم نصاب النقود؟ وما ادخرته للزواج هل فيه زكاة؟
النصاب كان ستة وخمسين ريالا فضيا من الريالات السعودية، وحيث انقطع التعامل بها، وقام مقامها الأوراق النقدية، فنرى قيمتها؛ ذلك لأنها موجودة، يعني: النقود الفضية، الغالب أنهم لا يسمحون من عنده ريال فضي بريال ورقي، فلا بد أن يكون بينهما فرق، تقريبا أن الريال الفضي يساوي عشرة من الريالات الورقية، فعلى هذا يكون النصاب نحو: خمسمائة وستون إذا حال عليها الحول ففيها الزكاة، وما زاد بحسابه، وهذا المال الذي تجمعه قبل أن تدفعه للزواج إذا حال عليه الحول ففيه الزكاة.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ ولدت لي مولودة عاشت أسبوعين ثم ماتت، فهل علي لها عقيقة أم لا؟ أفيدونا أثابكم الله .
الصحيح أنها ما تسقط بالموت، إنما فقط إذا مات الطفل قبل اليوم السابع فالظاهر أنه تسقط عقيقته وأما إذا تم اليوم السابع - الذي ورد الْعَقُّ عنه - فإنها تثبت عقيقته في ذمة والده .
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ رجل صلى وعليه دم على ثوبه بكمية كبيرة وهو لا يعلم، وعندما انتهى من صلاته علم أن على ثوبه دمًا، فما حكم صلاته هذه؟ وهل يعيد الصلاة أم لا؟ أفتونا أثابكم الله .
لا يعيد حيث إنه لم يشعر بذلك، يبادر ويُطَهِّر ثيابه، وأما إعادة الصلاة أو الصلوات التي صلاها - وهو ناسٍ – فلعل ذلك يسقط عنه.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ يقول - عليه الصلاة والسلام - مَنْ لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة فهل من حقق الإيمان دون العمل الصالح أو التقصير فيه يدخل الجنة أم لا؟
لا شك أن الذي لا يشرك بالله شيئا شركا دقيقا أو شركا ظاهرا أو خفيا، بل عقيدته صافية، ودينه خالص، وتوحيده قوي؛ أن ذلك يحمله على كثرة الأعمال الصالحة، وعلى عدم التساهل في ترك الصالحات، أو في فعل شيء من المحرمات؛ وذلك لأنه بتوحيده القوي الذي ملأ قلبه؛ يحمله ذلك على الخوف من الله، فهو دائما يستحضر عظمة ربه، ويستحضر جلال الله تعالى وكبرياءه، ويستحضر تفرده، ويستحضر اطلاعه عليه في كل الحالات، ولا يغيب عنه أن ربه رقيب عليه، وأنه يحاسبه فَيَعْظُم قدر ربه في قلبه، فهل يكون مع ذلك معصية؟ وهل يكون مع ذلك ترك طاعة؟ فمن لا يشرك بالله شيئا بل توحيده خالص، هذا ممن يعرف أنه يُكْثِرُ الحسنات، ويترك السيئات؛ فلأجل ذلك مثَّل بمن لا يشرك بالله شيئا، وأنه يدخل الجنة.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ في رمضان الماضي استيقظت للسحور قبل صلاة الفجر بخمس دقائق، وأثناء تناول الطعام أذن الفجر، فاستمريت في الأكل حتى قبل نهاية الأذان بجملة واحدة، عملا بقوله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ فما حكم صيام هذا اليوم؟ أفيدونا أثابكم الله .
الآية صريحة في قوله: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ هذا كلام الله تعالى في سورة البقرة - كما هو معروف - فإذا كنتَ متحققا بأن المؤذنين يتقدمون قبل طلوع الفجر مثلا بخمس دقائق أو نحوها، فلك الأكل في ذلك، مع أنه ورد أيضا ما يدل على ذلك، ورد أنه - صلى الله عليه وسلم – قال: إذا سمع أحدكم المؤذن والإناء في يده فلا يضعه حتى يقضي منه حاجته يعني: يشرب منه، ويقاس على ذلك الأكل.
والغالب أن التقاويم التي يبنون عليها فيها شيء من التقدم من باب الاحتياط، دقيقتان أو ثلاث دقائق، وإن كان بعضهم أكثر من ذلك، يعني: بعض الذين اختبروا التقويم يقولون: إن تقويم أم القرى فيه تقدم، حتى قال بعضهم: بثلث ساعة، ولكن ليس هذا مُطَّرِدًا، يمكن أن يكون فيه من باب الاحتياط في بعض البلاد خمس دقائق أو نحوها، على كل حال إن شاء الله لا إعادة عليك.
س: وهذه سائلة تقول: فضيلة الشيخ؛ إني كنت وأنا صغيرة ووجب عَلَيَّ الصيام، وليس أستطيع أن أصوم؛ لأني في شدة الصيف، وكنت في البادية راعيةً للغنم، فأرجو الإفتاء، وإني لا أعلم كم شهرا علي، وعمري لا يصل العشرين آنذاك؟ أفيدونا أثابكم الله .
هذا من الخطأ: التساهل بالصيام بعد البلوغ ، بلوغ المرأة قد يحصل بتمام تسع سنين، تقول عائشة -رضي الله عنها- إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة. ووجد مَنْ جاءتها العادة بعد تمام تسع سنين أو بعد العشر، ثم يتساهل أهلها، ويقولون: لا تزال طفلة، لا تزال صغيرة، فلا نكلفها بالصيام، ولا نكلفها بالصلاة، فيتركون شعيرة من شعائر الإسلام، وواجبا من واجبات الدين، نقول: الواجب التنبه لذلك، فمتى بلغ الصبي بالاحتلام ولو كان عمره عشر سنين، قالوا: أقل ما يبلغ إذا تم عشر سنين وبلغ في الحادية عشر، والجارية تسع سنين إذا دخلت في العاشرة، فلا يجوز التساهل معه.
على كل حال نقول لهذه المرأة: عليها أن تقضي تلك السنوات التي أفطرتها، عليها أن تقضيها، وأن تطعم أيضا مع القضاء عن كل يوم مسكينا، ولو أنها خمس سنين، يعني: خمس رمضانات أو ست رمضانات، تقضيها ولو متفرقة متى قدرت، وتطعم عن الشهر نحو: خمسة عشر صاعا عن كل شهر.

س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ هل يشرع رفع الإصبع عند الذكر بين السجدتين؟
ورد في ذلك دليل ولكنه صريح وفيه مقال، والصحيح أن الإشارة إنما هي في التشهدين، التشهد الأول والتشهد الثاني .
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ ما حكم اللحوم المستوردة، ومع العلم أن بعضها يكتب عليه ذبح بالطريقة الإسلامية؟
ننصح بعدم تعاطيها وبعدم أكلها؛ فإن الشبهة قوية، وإنما كتابتهم هذه من باب الترغيب فيها، ومن باب الدعاية لها، وقد نشر عنها بعض الذين وقفوا هناك، لعلكم اطلعتم على نشرة كتبها أحد الإخوان قديما، وألف فيها أيضا شيخنا الشيخ عبد الله بن حميد - رحمه الله - رسالة بعنوان: اللحوم المستوردة.
وذكر كثير من الذين وقفوا عليها أنهم ذَبْحُهُمْ غير شرعي، أنهم مثلا: يُعَلِّقُون الطيور في مسامير، وتلك الطير يمشي بها ذلك السير فيمر على ماء حار يغلي، فيغمس الطير فيها صغيرا، أو كبيرا حتى ينشوي جلده؛ لأجل أن ينسلخ شَعَرُهُ، يموت من هذا الماء الحار، ورأسه يتعلق، ثم يمر على موسى بعد ذلك، ويقطعوا رأسها بعد موتها.
وكذلك تموت عند بعضهم بالصَّعْقِ الكهربائي، يعني: الأغنام أو البقر أو نحوها، وكذلك أيضا قد تموت مع مرطها في المكان الذي تحمل فيه أو تجعل فيه، ومع ذلك يكتبون عليها هذه الكتابة.
والغالب أيضا أنهم يحرصون على عدم خروج الدم منها؛ لأن الدم يزيد في الوزن - ولو كان شيئا يسيرا - فإنه مع الكمية الكبيرة يكون له وقع في الثمن، فلأجل ذلك يغمسونها في هذا الماء حتى تموت، وإذا قطع رأسها لم يخرج منها شيء من الدم، ومعلوم أن الدم يفسدها، إذا ماتت الميتة ودمها فيها، وذبحت بعد الموت لم يخرج منها دم، بقي الدم في عروقها فيفسد لحمها، فننصح بعدم تعاطيها، وفيما هو موجود من اللحوم الوطنية ما يكفي عن ذلك.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ بعض الناس يقول: إن زيارة النساء للقبور جائزة؛ استدلالا بفعل عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تزور قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فما هو الصحيح؟ أثابكم الله .
غير جائزة، عائشة كانت تَسْكُنُ في حُجْرَتِهَا، وليس لها مكان تسكن فيه، وقبور النبي -صلى الله عليه وسلم– وأبي بكر وعمر في جانبٍ من الحجرة، قد جعلت بينها وبينها سترة، تبيت في تلك الزاوية، فأين تذهب؟ ولا يسمى هذا زيارة، وإنما هو سكن كانت تسكنه، وأما زيارتها لقبر أخيها، أخوها عبد الرحمن مات في طريق مكة فمرت به ووقفت عليه وسلمت عليه؛ لأنه كان في الطريق وهي سائرة إلى مكة مع أنها قالت: لو شهدتك لم أَزُرْكَ، يعني: لو كانت حاضرةً عند موته، ودعتْ له، وصَلَّتْ عليه لاكتفت بذلك؛ ولكن لما لم تكن حاضرة عند موته وقفتْ عليه عندما مَرَّتْ عليه.
وأما ما رُوِيَ أنها قالت: يا رسول الله؛ ما أقول إذا زرت القبور؟ فقال: قولي: السلام عليكم فالمراد بزيارتها هنا: المرور، يعني: إذا مررت على القبور، إذا مرت المرأة مع الشارع، والقبور بينها وبينها هذه المسافة، وبينها وبينها هذا السور، فلا مانع من أن تلتفت، وتقول: السلام عليكم.
وأما قصد زيارة المرأة للقبور والوقوف عند القبور فإن ذلك مَنْهِيٌّ عنه، وفيه اللَّعْنُ الشديد قوله -صلى الله عليه وسلم- لعن الله زَوَّارات القبور واللعن لا بد أن يكون على فِعْلٍ مُحَرَّمٍ، وكذلك أيضا لما رأى نساء يتبعن جنازة قال لهن: ارجعن مأزورات غير مأجورات، فإنكن تفتن الأحياء، وتؤذين الموتى فأمرهن بالرجوع وعدم الوصول إلى المقابر، وقال لفاطمة لما رآها جاءت من قِبَلِ أناس تعزيهم، فقال: لو بلغت معهم الكدى ما دخلتِ الجنة، أو ما رأيتِ الجنة حتى يراها جد أبيك تهديد شديد، حديث مروي في السنن بإسناد صحيح، فَيُنْتَبَهُ لمثل ذلك.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ هل يُجَازى الإنسان بعمله الصالح إذا كان قلبه غافلا كأن يُسَبِّحَ وقلبه غافل؟
ذكروا أن الذِّكْرَ ثلاثة أقسام، الأول والأفضل: ما اجتمع عليه القلب واللسان، هذا ثوابه أكثر، بأن يكون لسانه متكلما، وقلبه مُتَفَكِّرًا.
والقسم الثاني: الذِّكْرُ بالقلب وإن لم يتحرك اللسان، يعني: يتفكر في أسماء الله تعالى وعظمته، فيسبحه وإن لم يتكلم، ويحمده، فهذا أيضا له أجر على ذكره، وإن كان لم ينطق.
والذكر الثالث: إذا تكلم بلسانه وقلبه غافل، فله أجر على حركة لسانه، ولكن أَقَلُّ من حركة قلبه، ومن ذِكْرِهِ بقلبه .
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ أنا مُدَرِّسٌ في إحدى القرى البعيدة عن المدينة وأتغيب بعض الأيام بإذن المدير، ولكني إذا أتيت بعد الغياب يقول المدير: وَقِّعْ عن الأيام السابقة، فما حكم هذا الفعل؟ وإذا كان المدير يُوَقِّعُ عني أحيانا فما الحكم أيضا؟ أفتونا مأجورين .
ننصحك بالمواظبة، والحرص على ألا يفوتك شيء من العمل، وإذا كان ذلك يشق عليك، واستطعت أن تسكن هناك وقت الدوام؛ حتى لا يفوتك ذلك، وكذلك إذا شق عليك واستطعت التحول، والنقل إلى بلدة أقرب منها، وإما أن تغيب، وتُوَكِّل مَنْ يُوَقع عنك فنرى ذلك غير جائز، وكذلك أن توقع على أيام لم تَحْضُرْهَا، لكن لا شك أنه إذا كان هناك وكيل توكله يؤدي عنك الحصص التي عليك وهو فيه الأهلية والكفاية، أن ذلك شرعًا مُسْقِطٌ عنك ذلك الواجب .
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ ما هو القول الراجح في قول أهل العلم في أن مَسَّ الذكر ينقض الوضوء أم لا؟
الذي يترجح عندنا أنه ينقض.
فيه ثلاثة أقوال، قول: أنه ينقض مطلقا إذا مَسَّهُ بكفه، سواء بالكف أو ببطنها.
والقول الثاني: إنه لا ينقض مطلقا.
والقول الثالث -ولعله الأقربُ- إنه ينقض إذا قصد بمسه تحريك شهوته، إذا قصد إثارة الشهوة، فأما إذا مسه مَسًّا عاديا بطرف كفه أو بحرف يده، فيترجح أنه لا ينقض، ولكن من باب الاحتياط يعيد الوضوء.
س: وهذا سائل يسأل ويقول: فضيلة الشيخ؛ أنا رجل عندي أربع زوجات، وسؤالي: زوج ابنتي من إحدى زوجاتي هل يحرم على زوجاتي الأخريات غير أم زوجته أم لا؟ أفيدونا أثابكم الله .
يصير محرما لهن؛ لقوله تعالى: أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ فجميع أولادك من كل واحدة محارم لزوجاتك، فله أن يسافر بزوجة أبيه التي ليست أمه أَيًّا كان، ولو طَلَّقْتَهَا بَقِيَ مَحْرَمًا لها.
إذا طُلِّقَتْ أو مات زوجها فأولاده يكونون محارم لها، ولا يحل لهم نكاحها؛ وفي ذلك قوله تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ .
س: وهذا سائل يسأل يقول: فضيلة الشيخ؛ أنا أريد أن أشتري سيارة بالتقسيط من البنك، علما أن البنك لا يملك سيارات، وطريقة بيعهم هي تحويل الراتب عندهم، ولا يمكن تحويله إلى أي بنك آخر إلا بعد سداد آخر قسط، ثم يذهب الزبون إلى أي معرض يريده، ويأتي بتسعيرة السيارة التي يرغبها، ثم ترفع التسعيرة إلى الفرع الرئيسي بجدة مثلا، ويقرر قيمتها مؤجلة، ثم يكتب العقد، ويكتب الشيك لصاحب السيارة، وإذا هَوَّنَ الزبون أو ترك السيارة هون البنك أيضا وترك، وألغى البيع والشراء من المعرض، وخصم خمسمائة ريال، علما أن ربحهم في السيارة ثمانية في المائة فقط، فهل هذا البيع جائز أم لا؟ أفيدونا أثابكم الله .
نرى أنه لا يجوز على هذه الطريقة، المختار والجائز: أنك إذا جئت إلى البنك أو إلى إنسان تاجر وقلت: إني أريد سيارة، تعجبني السيارة التي رقمها كذا في المعرض الفلاني، وهذا رقم تليفونه، فالبنك أو التاجر يتصل بالمعرض، ويقول: احجز لنا السيارة رقم كذا وكذا، وأخبرنا بقيمتها، ثم إنه إذا حجزها البنك أو التاجر يذهب أو يرسل أحد عملائه أو أحد العاملين عنده، يرسله بالشيك، ثم يقول له: اذهب واستلم مفاتيح السيارة وأوراقها، وحُزْهَا، انقلها من مكان لمكان -ولو في داخل المعرض- ثم ائتنا بمفاتيحها. فإذا فعل ذلك قال: السيارة قبضناها، وقد دخلت في ملكنا، لو تلفت لذهبت علينا، زيادتها لنا، ونقصها علينا، فأصبحت في ملكنا، لا نبيع إلا ما نملك، والآن لك الخيار أيها المشتري، إن أردتها بكذا زيادة -مثلا- ثمانية في المائة، وإن لم تُرِدْهَا فلا إكراه عليك، اطلب غيرنا ونطلب غيرك، ولا نأخذ منك شيئا، لا مائة ولا خمسمائة، إذا لم تقبلها لا نُكْرِهُكَ على ذلك، فمثل هذا لا حرج فيه إن شاء الله .
وأما فعلهم هذا فإنهم يبيعونها قبل أن يملكوها، وكذلك يكتبون ثمنها قبل أن يملكوها، وكذلك أيضا يشترطون عليك هذا الشرط، وهو: تحويل الراتب، وكذلك أيضا إذا تراجعت يأخذون عليك هذا المبلغ، وكل هذا لا يجوز .
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ ما حكم إعطاء مال لمسئول من أجل أن يتحصل على وظيفة ليس حصوله على ذلك مضرة للآخرين، هل يدخل ذلك في الرشوة؟
إذا كان قليلا كمائة أو ألف بقدر أتعابه ومراجعاته فلا حرج في ذلك، وأما إذا كان كثيرا: ألفين، ثلاثة آلاف، عشرة آلاف فنرى أن هذا رشوة؛ ذلك لأنه لا بد أن يُفْسِدَ الموظفين، فيعطي هذا مثلا: ألفا، وهذا ألفين، وهذا ألفا ونصفا، ونحو ذلك؛ حتى يُقَدِّمُوا هذا الموظف على غيره مِمَّنْ هو مثله أو أحق منه، فيفسد الموظفين، ولا يوظفون أحدا إلا بهذه الرشوة، ويدخل في حديث: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش وهو: الواسطة بينهما .
س: وهذا سائل يسأل يقول: ما حكم حَلِّ السحر بمثله عند الضرورة؟
إذا عرف أن هذا ساحر فلا يجوز إقراره، فضلا عن استخدامه، بل يجب قتله، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- حد الساحر ضربه بالسيف فمتى عَثَرَ أهل البلد على أن فلانا ساحر، وأنه يتعاطى السحر فلا يجوز لهم أن يذهبوا إليه، ويقولون: حِلَّ السحر عن فلان، أو حِلَّ سحرك الذي سحرت به فلانا، بل يرفعون بأمره إلى القضاة، والقضاة إذا تحققوا ذلك يحكمون بقتله.
وقد ثبت عن ثلاثة من الصحابة أنهم قتلوا الساحر، كتب عمر -رضي الله عنه– إلى بجالة بن عبدة أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، فقتلوا ثلاثة سواحر، ودخل جندب أي: جندب الخير على رجل يتعاطى السحر فقتله، والوليد بن عتبة حاضر، وكذلك أيضا حفصة بنت عمر أم المؤمنين أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فَقُتِلَتْ، هذا هو حده.
علاج السحر: الرقية، الرقية الشرعية - بإذن الله - يكون لها تأثير في إبطال السحر، وقراءة آيات من القرآن، ومنها آيات السحر، منها مثلا: قوله تعالى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ الآية، وقوله تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ إلى آخر الآيات، وقوله تعالى: مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إلى آخر الآيات، وقوله تعالى: لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى وكذلك سورتي المعوذتين، وسورة الإخلاص، وآية الكرسي، وأدعية من السنة.
بإذن الله إذا كان في الإنسان المخلص من أهل الإخلاص، ومن أهل الصلاح في عمله، ليس عمله لأجل الدنيا، وليس عمله لأجل الشهرة أنها تؤثر، وأنها تبطل عمل كل كائد، وكل ساحر، وأما الذين يتعاطون الرُّقْيَة وقصدهم النفع الدنيوي والمصالح الدنيوية، فالتأثير من قراءتهم قليل.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ ما حكم وَسْمِ الدواب على الوجه ؟ وهل يعتبر ما بين الأذن، وما بين العين من الوجه؟
لا يجوز الوسم في الوجه، رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- حمارا قد وسم بين عينيه فقال: لُعِنَ من فعل هذا يجوز في الخد، الخد الذي هو: قريب الأذن، ويجوز في الأذن، ويجوز في الرقبة، ويجوز في غير ذلك من البدن، وأما الوجه الذي هو المقابل يعني: بين العينين، وعلى الأنف، وقريب من وسط الوجه، والجبين فهذا من الوجه .
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ انتشر عند بعض العوامِّ والجهلة أنهم يزعمون: أن كسوف الشمس في العام قبل الماضي أنه كان علامة على موت الشيخ ابن باز - رحمه الله - وأن خسوف القمر في هذا العام علامة على موت الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - .
غير صحيح. في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كسفت الشمس يوم موت إبراهيم ابن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته أخبر بأنها آية من آيات الله، أن ذلك مما أجراه الله تعالى، وجعل له أوقاتا وأزمنة يقع فيها، فلا يجوز أن يقال: إنه رمز أو إشارة إلى موت فلان، أو إلى حياة فلان.
س: وهذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ أصبحت ذات يوم محتلما، وكان يوم برد شديد، ثم توضأت وصليت ولم أغتسل، فما الحكم؟ أثابك الله .
إذا كنت في برية، وليس عندك ما تدفئ به الماء فأنت معذور؛ كما عذر النبي -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن العاص لما خاف على نفسه، إن تخشى على نفسك من الموت أو من المرض، وأما إذا كنت في بلد فلست بمعذور، وعليك إعادة تلك الصلاة؛ ذلك لأن في إمكانك تدفئة الماء وتسخينه: بإيقاد نار، أو بإيقاد الغاز، أو السخانات الكهربائية، أو ما أشبه ذلك، فلا عذر لك، وعليك إعادة الصلاة .
س: وهذا السؤال - ما قبل الأخير - يقول فيه السائل: فضيلة الشيخ؛ هل يجوز أن يُؤَذِّنَ واحد ويقيم الآخر بدون عذر؟
الْأَوْلَى أن يكون المؤذن هو المقيم؛ لحديث زياد الصدائي يقول: إنه أذن، ولما جاء بلال ليقيم قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن أخا صداء هو أذن، ومَنْ أذن فهو يقيم فهذا دليل على أن الأفضل أن المؤذن هو الذي يقيم .
ثم جاء ما يدل على ذلك، جاء أنه لما أن عبد الله بن زيد بن عبد ربه رأى الأذان في النوم قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أَلْقِهِ على بلالٍ ؛ فإنه أندى منك صوتًا، وقال: أنا كنتُ أَوْلَى به؛ لأني الذي رأيته، قال: فأَقِمْ أنتَ في وقت من الأوقات أَذَّنَ بلال وأقام عبد الله فدل على أنه يجوز للحاجة.
س: وهذا السؤال الختامي يقول فيه السائل: فضيلة الشيخ؛ أنا طالب علم، وأرغب في الاستفادة من علمكم وتوجيهاتكم - حفظكم الله - فأين تقام دروس فضيلتكم العلمية في مدينة الرياض ؟ وأنا من أهل الطائف أفيدونا أثابكم الله .
لا شك أن عليك مشقة إذا كنت في الطائف فيوجد عندكم في الطائف مشايخ قضاة ومعلمون، لعلك ترغبهم في أن يجعلوا لهم دروسا وتحضرها وتستفيد منها، أما البلاد النائية فعليك مشقة، لكن إذا جئت إلى هناك فعندنا وعند غيرنا دروس من المشائخ الذين هناك يقيمون دروسا كثيرة، دروسنا في حي شبرا في مسجد عبد الله الراجحي فيه عشرة دروس أسبوعية، إذا كنت هناك، وأما غيرنا فله أيضا دروس أخرى .
وفي الختام نسأل الله تعالى أن يجزي فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين خير الجزاء.

line-bottom