إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
جمل رفيعة حول كمال الشريعة
12944 مشاهدة print word pdf
line-top
مقدمة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق الإنسان من سلالة، وركب فيه مفاصله وأوصاله، وأتمّ عليه نعمته وأفضاله، أحمده وأشكره على ما أولاه من نعمه ونواله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه وخلقه وأفعاله، فلا تصلح العبادة إلا له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أفضل من خُص بالرسالة -صلى الله عليه وسلم- وعلى صحابته وأتباعه وآله.
أما بعد:
فقد كتبت مقالة عن محاسن الدين الإسلامي، وكمال الشريعة وما تهدي إليه من آدابٍ وأخلاقٍ شريفة، وقد طُبعت تلك المقالة كمقدمة لكتاب (نضرة النعيم) الذي هو موسوعة كاملة في المسميات الشرعية والمصالح والأخلاق الدينية، والذي جمعه نخبة من أهل العلم، وبذلوا فيه جهدًا كبيرًا وسعيًا مشكورًا، وقد حصل به نفع كبير لمن أراد الاستفادة منه، ثم إن بعض الطلاب -بعد إطلاعه على تلك المقدمة- رغب إفرادها ونشرها وحدها ليعم الوصول إليها؛ فوافقت على ذلك رجاء الانتفاع بها، مع أن المقالة مختصرة جدًا، حيث أشير فيها إلى مجمل أهداف الشريعة ومحتويات الرسالة السماوية، وما ورد الأمر به والترغيب فيه من الصفات والسمات الرفيعة التي يشهد العقل بملاءمتها وتستحسنها الفطر والجبلات الإنسانية، وهكذا ما ورد النهي عنه وتحريمه وكراهة تقبيح فعله من الأقوال والأفعال التي تستهجنها النفوس الرفيعة وتستقبحها الفطر السليمة، وقد شرح علماء الإسلام تلك الأخلاق والآداب كما في كتاب (الآداب الشرعية) لابن مفلح، و(روضة العقلاء) لابن حبان و (أدب الدنيا والدين) للماوردي... وغيرها.
والله الموفق، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبه/
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

line-bottom