جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
خطبة الجمعة مع الإجابة على الأسئلة
5477 مشاهدة
إمهال الله تعالى للظالمين

هكذا أخبر بأنه لو يعاملهم بحسب سيئاتهم وبحسب خطاياهم لأهلكهم وعذبهم وقضى عليهم، ولكنه سبحانه يمهل ولا يهمل. أيحسب الظالم في ظلمه أهمله الغافر أم أمهله ؟! ما أهملوه بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا ؛ الله تعالى يمهل ولا يهمل، يمهل العاصي ويؤخره إلى أن يأخذه على حين غرة وغفلة، كما ورد في بعض الآثار: ما أخذ الله قوما إلا عند غرتهم وغفلتهم وسلوتهم، هكذا ورد بالأثر.
دليل ذلك قول الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ هكذا أخبر لما أنهم نسوا المواعظ ونسوا التذكير ونسوا الخير ونسوا الآخرة أو تناسوها، وعملوا للدنيا وتنافسوا فيها -فتح الله عليهم أبواب الدنيا ابتلاء وامتحانا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ هكذا أخبر وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ .
لما جاءهم أمر الله لما جاءتهم الدنيا ولما فتحت عليهم قست قلوبهم، واطمأنوا إليها وركنوا إليها، ونسوا الدار الآخرة وتناسوا أمر الميعاد، فعند ذلك أخذهم الله تعالى فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ .
هذه سنة الله تعالى فيمن عصاه واتبع ما أسخطه وترك طاعته، أنه يفتح عليهم أبواب الدنيا ابتلاء وامتحانا، ويفتح عليهم الشهوات، ويعطيهم من زينة الدنيا ومن لذتها حتى يتمادوا ويظنوا أن هذا كرامة، يظنوا أن ما هم فيه فإنه كرامة لهم، وإنه دليل على أنهم من أهل الطاعة وأن الله قد رضي عنهم، ولكن لا يعتبرون ولا يخشون ولا يخافون أن هذا استدراج من الله تعالى.
ورد في الحديث إذا رأيت الله يعطي العبد وهو مقيم على معاصيه فاعلم أنه استدراج ؛ يعني قول الله تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ يملي لهم أي يمهلهم ويؤخرهم إلى أن يحين الوقت الذي يأخذهم فيه ويعاقبهم، ولكنه سبحانه يعفو ويصفح، يعفو عن كثير ويعلم عباده بالضر وبالخير رجاء أن يتوبوا إليه، ورجاء أن يعرفوه وأن يعرفوا حاجتهم إليه، فإذا عرفوا الله سبحانه وتابوا إليه فرحمته تغلب غضبه، ولكنه يمهل لبعض العصاة ويؤخرهم إلى أن يأخذهم وهم غافلون.
ورد في الحديث: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته. وقرأ قول الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ يملي له يعني على ظلمه ويعطيه صحة وقوة، ويعطيه أموالا وأولادا، ويعطيه نعمة ورفاهية ورخاء، وهو مع ذلك مقيم على معاصيه، مقيم على كفره وفجوره، مقيم على ذنوبه وخطاياه إلى أن يأخذه الله أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ فينتقم منه، وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ .
كما أخبر تعالى بأنه يأخذ الظالمين أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ولكن ينخدع كثير منهم بإمهال الله تعالى وبما أعطاهم وبما أسداهم وفضلهم ووسع عليهم ورفع لهم من مكانة الدنيا. فليتق الله كل عبد ولا يعصي، وليعلم بأنه في قبضة الله تعالى، وأنه تحت سطوته وسيطرته، وأنه ليس له خروج عن تصرف ما أمر به سبحانه وتعالى.