إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
درس الآداب والأخلاق الشرعية
8790 مشاهدة print word pdf
line-top
مدح التواضع وذم التكبر

من الآداب الشرعية التي أدب بها الإسلام أنه أدب –الإسلام- أهله بالتواضع والنهي عن التكبر. ومن المعلوم أن المتواضع هو الذي يقبل على الناس بإقبال متساوٍ، فيسوي بين كبيرهم وصغيرهم ويسمع من هذا ومن هذا ويقبل من هذا ومن هذا، ويلين جانبه ويسعهم خلقه ويسفر لهم وجهه وينبسط لهم جاهه ويتواضع لهم بخلقه وبقلبه وبقالبه.
وأما التكبر فإنه الذي يشمخ بأنفه ويترفع بنفسه ويحتقر من هو أصغر منه ولو كان ما كان، ويحتقر غيره ويزدري الناس ويراهم كأنهم ذر على وجه الأرض ويستصغر غيره ولا يرى لغيره عليه حقا. ومن آثار ذلك: أنه لا يقبل من ناصح نصحا، يدعي أنه أرفع منه وأفضل، فلا يقبل نصيحة من ناصح ولا يتأثر بإرشاد ولا بموعظة تكبرا وإعجابا بنفسه. وهذه لا شك من الأخلاق السيئة.
فأدب التواضع بلا شك أنه من الآداب الحسنة الآداب الدينية الآداب الإسلامية التي أرشد إليها النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أثر من آثار الأخلاق التي تخلق بها نبينا -عليه الصلاة والسلام- وتخلق بها أصحابه.
وبكل حال فهذا الأدب ينبغي أن يكون مع كل مسلم، أن يكون المسلم متواضعا للصغير والكبير متذللا لهم، لا يرفع نفسه ولا يترفع على أحد مهما كانت مقدرته ومهما كانت رتبته ومهما كانت منزلته، ويكون من آثار ذلك: أنه يتقبل كل من أرشده أو نصحه أيا كانت تلك النصيحة، فإذا كان كذلك فقد تأدب بأدب حسن.
ولا شك أيضا أن من آداب الإسلام التي أدب بها المسلمين مع التواضع: لين الجانب والنظر إلى المسلمين بعين الرحمة وبعين الشفقة. وهذا أيضا أثر من آثار المحبة: رحمة المسلمين والشفقة لهم ودلالتهم على الخير كله من آثار المحبة التي بدأنا بها، فالآداب هذه التي هي: الرحمة والشفقة والمودة تستدعي آثارا أيضا، هذه الآثار نتيجتها: أنه ينصح ويرشد ويدل على الخير ويعلم الجاهل ويرشد الضال ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والذي يحمله على ذلك شفقته على إخوته، يقول: أشفق عليكم من عذاب الله أرحمكم من العذاب، أنا أرحمكم أن تكونوا من أهل العذاب ومن أهل النار، أنا أحب لكم النجاة ما أحب لكم الهلاك، أدلكم على هذا رحمة بكم وأدلكم على هذا شفقة عليكم. فبهذه الشفقة من آثار هذه الشفقة: أنه أرشد إلى هذه الإرشادات الخيرة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه.

line-bottom