إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
درس الآداب والأخلاق الشرعية
8768 مشاهدة print word pdf
line-top
الصبر

الوصية الأخيرة هي: الصبر مثل ما ذكرنا. والصبر مثل ما ذكر الله تعالى: وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ والصبر مثل ما قال بعضهم: إنه مشتق من المرارة؛ لأن الصبر طعمه مر. فكذلك الصبر فيه شيء من القساوة وفيه شيء من الشدة؛ ولكن عاقبته أحلى من العسل، أوله أمر من الصبر وعاقبته أحلى من العسل. فنتواصى بالصبر، هذا الصبر كوننا مثلا نصبر على اللأواء، ونصبر على التعب، ونصبر على المشقة، ونصبر على طول الجلوس، ونصبر على ما نراه من احتقار، ونصبر على ما نراه من تخاذل من خذلان بعضنا، ولا يفت ذلك في أعضادنا، ونصبر على تنفيذ أوامر الله تعالى وعلى القيام بشرعه مهما كان الأمر حتى تكون العاقبة لنا ف إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ وقد أمر الله تعالى بالصبر في قوله: اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وفي قوله تعالى: وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ بعد أن أخبر بأنه يبتلي عباده ليصبروا، فالابتلاء –ها هنا- بهذه المنكرات وبهؤلاء العصاة ونحوهم، لا بد من الصبر عليه، ولا بد من المصابرة، ولا بد من الوقوف أمامهم بحزم.
فمن الآداب الشرعية هذا الصبر الذي أدبنا الله تعالى عليه وأمرنا بأن نتحمله، وأن نقف أمام العقبات التي تكون دونه حتى نكون بذلك من الصابرين الذين يوفون أجرهم بغير حساب كما وعدهم الله بقوله: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ فالصبر مر مثل الصبر مر مذاقه؛ ولكن عواقبه أحلى من العسل -كما ذكر ذلك بعضهم-.
نتواصى بهذا الصبر على تنفيذ أوامر الله حتى -إن شاء الله- تكون لنا العاقبة الحميدة والمنقلب السهل، ونكون -إن شاء الله- متعاودين ومتعاونين على تنفيذ أوامر الله، يقوي بعضنا بعضا على مراجعة ولي أمرٍ، يقوي بعضنا بعضا على كتابة ملاحظة من الملاحظات، إذا رأيت منكرا أو رأيت ملاحظة واجتمعت مع فلان وفلان وكتبتم خطابا، وطالبتم ولي الأمر أو طالبتم المنتدب لهذا الأمر بأن يغير من هذا المنكر أو بأن يخفف منه، وصبرتم على نفقة أو صبرتم على تعب أو صبرتم على سهر أو صبرتم على سفر أو ما أشبه ذلك، كان ذلك مما تضاعف به حسناتكم، وتؤجرون به عند الله -سبحانه وتعالى-.
نسأل الله أن يرزقنا جميعا الصبر والاحتساب في ذاته، كما نسأله سبحانه أن يجمع بين قلوبنا على طاعته وأن يؤلف بين قلوب المسلمين، وأن يجمع كلمتهم وأن يردهم إلى الحق ردا جميلا، وأن يريهم الحق حقا ويرزقهم اتباعه والباطل باطلا ويرزقهم اجتنابه، ونسأله أن يزيل ما بينهم من البغضاء والحقد والشنئان وأن يؤلف بينهم، وأن يجعلهم إخوة متحابين في ذات الله متبادلين المحبة في ذاته، وأن ينصرهم على أعدائهم ويقويهم ويقوي كلمتهم، وأن يثبتهم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب، والله تعالى أعلم، وصلى الله على محمد .

اللهم صل وسلم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
جزاكم الله خير الجزاء على هذه المحاضرة، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بها.
س: فضيلة الشيخ؛ أغلب من سأل يقول: إنه يحبك في الله. هذا سائل يقول: فضيلة الشيخ؛ جزاك الله خيرا على هذه المحاضرة، ونرجو أن تبين لنا آداب التناصح ؛ لأن هناك أخطاء يقع فيها بعض طلاب العلم مما يؤدي بهم إلى الجدل، ثم إلى الفراق أكثر فأكثر؟
لا شك أنا جميعا -إن شاء الله- من المتحابين في الله، ونرجو أن تكون محبتنا لله وفي الله.
آداب التناصح هي:
أولا: حسن النية. أن يكون نيتك صالحة في نصحك له، تنصحه لأنه يحب الله وأنت تحب الله، وتنصحه لأجل مصلحته الدينية لأجل خطأ وقع فيه تعرف أنه خطأ، أو نقص حصل منه تعرف أنه نقص.
من آداب النصيحة: حسن الأسلوب. وهو أن تقدم مقدمة، فتبدأ بإخباره بأنك تحبه وأن من حق المحبة النصيحة، فتقول له مثلا: بصفتي وإياك مسلمين مؤمنين من أهل العقيدة السليمة فإن من واجبي أن أنصحك ومن واجبك أن تقبل، كما أنني أقبل نصحك وأفرح بذلك وأسر، النصيحة التي أريد أن أوجهها إليك هي كذا وكذا. فتذكر له الخطأ الذي وقع فيه بأسلوب لين ليس فيه شيء تشمئز منه النفوس، فلا تأتيه بعنف ولا تقول: أنت مخطئ، وأنت بعيد عن الصواب، وأنت بعيد عن الحق، أو أنت ضال مضل، أو ما أشبه ذلك. بل تأتيه برفق، وتقول: إنك معذور يمكن أن لك عذرا، والصواب كذا وكذا، فعليك أن تتقبل الحق وأن تقبله. لا شك أنك إذا لينت له الخطاب وألنت له الجناب فإنه سيفرح بذلك ويقبل بعد أن تبين له نفس الخطأ الذي وقع فيه؛ سواء كلمة وقعت منه أو فعلا وقع منه، وبعد ذلك قد يكون له شبهة فتبين له الدليل، فتقول: الدليل على المنع كذا وكذا، الدليل على منع حلق اللحى، الدليل على منع إسبال الثياب مثلا، الدليل على منع التكاسل عن الصلاة كذا وكذا، فإذا بينت له وأقمت له الحجة قبل ذلك وفرح وسر بذلك -إن شاء الله-.
س: جزاك الله خيرا. يقول السائل: بعض طلبة العلم -هداهم الله- لا يردون السلام علينا ولا يسلمون علينا؛ وحتى مقابلتهم لنا بوجه عبوس؛ بحجة أننا نخالفهم في بعض الأحكام التي فيها خلاف بين أهل العلم، فيعتبروننا مبتدعين، فبماذا تنصحهم؟
نقول: هذا خطأ، والواجب عليهم ألا يفعلوا ذلك، والواجب على طالب العلم -مبتدئا أو منتهيا- أن يكون متأدبا بالعلم، ومن آداب العلم: التواضع. ومن آداب العلم: محبة طلبة العلم. من آداب المتعلم: أن يحب إخوته ولو خالفهم في شيء من الفروع فالفروع لا يضلل المخالف فيها؛ وذلك لأنها مجال اجتهاد؛ لأن المسائل الفرعية مجال اجتهاد.
وقد وقع الخلاف بين الصحابة. ويقول عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- ما أحب أن الصحابة لم يتفرقوا أو لم يختلفوا. وذلك لأنهم لو كانوا كلهم على كلمة واحدة وعلى أمر واحد فخالفهم إنسان حكمنا بضلاله، أما وقد قال هذا بقول وهذا بقول فإذا اختلفوا كان لهذا سلف ولهذا سلف، يعني: لهذا من يعتمد عليهم ويكونون حجة له ولهذا كذلك.
فهذا عمر بن عبد العزيز يعذر في الخلاف في الفروع، كذلك نحن، روي أيضا عن الشافعي أنه خالف شيخه مالك في عدة أشياء، مثلا حتى في نفس الصلاة كان يقنت، الشافعي يقنت في الصبح ومالك لا يقنت، الشافعي يتورك في الثنائية ومالك لا يتورك؛ ومع ذلك يصلي خلفه، ولما سألوه هل نصلي خلفه؟ سأله تلامذته هل نصلي خلف من يقلد مالكاً ؟ غضب، وقال: ألست أصلي خلف مالك ؟! مالك شيخه.
إذاً فلا ينبغي هذا الاختلاف؛ بل الواجب على طالب العلم أن يكون لين الجانب متواضعا، وأن يبدأ بالسلام يحرص على أن يبدأ بالسلام، وأن يترك التهاجر الذي حذر منه النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام جعل خيرهما الذي يبدأ بالسلام، كان كثير من السلف يحرصون على أن يكون أحدهم هو الباديء بالسلام، إذا أقبل إليك ورآك من بعيد غض بصره ليوهم أنه ما رآك فإذا قرب ابتدأ بالسلام قبل أن تتفطن له، كل ذلك حرصا على البداءة، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام والسلام: تحية الله التي أمر الله بها بقوله: فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً .
س: جزاكم الله خيرا. يقول السائل: فضيلة الشيخ؛ هل من كلمة لمن يحب ذاته؟ وكذلك يقول: هل من كلمة لمن همه في محاضراته الفرقة؟
نقول: على الإنسان أن يكون محبا لإخوته المسلمين، وألا تكون محبته لنفسه طاغية على محبته لإخوته، لا يجوز أن يحب شهرة نفسه ولا ترفع نفسه ولا مكانة نفسه، فيكون ذلك سببا في احتقاره لغيره وازدرائه لإخوته ممن هم مثله أو من هم فوقه أو من هم دونه لا يجوز ذلك؛ بل عليه أن يعترف بأنه فقير إلا بإخوانه فقير إلى إخوانه، وأنه ذليل بحاجة إلى من يقويه من إخوته ومن أحبابه ونحوهم.
كذلك أيضا عليه أن يكون متواضعا للصغير والكبير، وأن يعترف أن تواضعه هذا سبب لرفعته، فإن من تواضع لله رفعه، روي ذلك في حديث: أن من تواضع لله رفعه، ومن تكبر على الله وضعه .
فإذا كان هذا الإنسان يعرف مبدأ نفسه، يعرف أنه مخلوق ضعيف وأنه مآله إلى الموت ونهاية هذه الحياة، وأنه مهما حصل له من الرفعة، ومهما حصل له من الرتبة، ومهما حصل له من المكانة، ومن المال، ومن الجاه، ومن السيادة، فإن ذلك كله ذاهب ومضمحل ولا يبقى له إلا عمله الأخروي، فكيف مع ذلك يحتقر غيره؟ وكيف يزدري إخوته؟ وكيف يصغرهم ويصغر من شأنهم، ويرفع من نفسه، ويشمخ بأنفه؟ لا يجوز له والحال هذه؛ بل عليه أن يعرف أن الذي رفعه قادر على أن يضعه، الذي رفعك وجعلك في هذا المنصب قادر على أن يسلبك منصبك ويرجعك ذليلا مهينا عاجلا غير آجل، قال الله تعالى: تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ الله يعز من يشاء ويذل من يشاء، فإذا أعزك فربما يذلك فيما بعد بسبب ارتفاعك في نفسك، وشموخك بأنفك، وتكبرك على إخوانك، واعتزازك بنفسك دون غيرك، واحتقارك لمن هو دونك، لا يجوز لك والحال هذه، تذكر أنهم مثلك، ربما أن الله تعالى يرفعهم، ربما رفعتهم في الدنيا عاجلة وفي الآخرة أيضا، وإذا لم تكن تحصل رفعتهم كانوا مهينين حقيرين في الدنيا فإنهم عند الله لهم قدر ومكانة، (رب صغير عند الناس في الدنيا كبير عند الله)، يعني: رب حقير عندكم ولكن له مكانة ومنزلة عند ربه.
س: يقول السائل: فضيلة الشيخ انتشر في هذه الأيام البيع بالتقسيط على أن آتي للشركة أو للبنك أو غيره من الأماكن التي تبيع، آتي له بمنزل أو بسلعة من السلع، ثم يشتريها منه بعد أن يشتريها هو بثمن، ثم يبيعها علي بثمن أغلى، فهل مثل هذه الحالة جائزة؟
إذا كنت أنت الذي تأتيها به تأتيه بها فلا يجوز، يعنى: كأن تأتي له مثلا بالسيارة، تقول: يا صاحب السيارة تبيعها؟ فيقول: نعم. فتركب معه وتأتي إلى صاحب الشركة، وتقول: اشترِ هذه السيارة لي، اشترها لك وبعها علي. في هذا نظر؛ لكن إذا قلت له: إني أريد سيارة يا صاحب الشركة، أريد منك سيارة بثمن مؤجل. فيقول: ما نوع السيارة؟ فتصف له السيارة التي تريد، فيبحث لك عنها ويقول: وجدتها في المكان الفلاني واشتريتها وأرسلت من يسلم ثمنها ومن يستلم مفاتيحها ومن يحوزها فتصبح لي -يقول صاحب الشركة- فإذا حازها فعند ذلك لك أنك تشتريها ويقسطها عليك بثمن زائد عن الثمن الذي اشتراها به، اشتراها مثلا بأربعين وباعكها بخمسين أقساطا.
كذلك لو دللته على مكان أرض مثلا، إذا أردت أرضا وقلت: إني بحاجة أرض أشتريها بأقساط. فقال: أين تريد؟ فقلت: أريد في المكان الفلاني. فذهب واشترى تلك الأرض التي في المكان الفلاني وسلم ثمنها وكتب مبايعة، وبعد ذلك عرضها عليك بالبيع، وقال: اشتريتها مثلا بمائة وأبيعكها أقساطا بمائة وعشرين مثلا، فاشتريتها من غير إلزام فلا بأس. أما أنك تتفق وإياه قبل أن يشتريها وتحدد الثمن وتحدد الربح قبل أن تدخل في ملكه، فهذا بيع ما لا يملك، لا يجوز.
س: يقول السائل: فضيلة الشيخ لقد اعتمرت بالأمس، وأريد الحج، فهل إذا حججت أصبح متمتعا؟ وهل علي دم؟
هذا السؤال يظهر أن صاحبه من أهل جدة يعني: ساكن في جدة والذي في جدة تعتبر هذه بلدته، وإذا رجع بعد العمرة إلى بلده سقط عنه دم التمتع، هذا هو الصحيح أن كل من اعتمر ورجع إلى بلده بعد العمرة ثم أنشأ سفرا للحج سقط عنه دم التمتع؛ سواء كانت بلدته قريبة أو بلدته بعيدة. فالذي من أهل هذه البلد لو اعتمر في أول في يوم عيد الفطر، اعتمر في ذلك اليوم، ثم رجع وجلس في بلده، ثم أحرم بالحج من بلده في يوم التروية وحج، فلا دم عليه. وكذلك لو اعتمر في اليوم السابع من ذي الحجة، أنشأ عمرة من بلده -من جدة - ثم ذهب وانتهى من عمرته في اليوم السابع، ثم رجع إلى بلده واستقر عند أهله وبات ليلة الثامن ليلة ثمانية عند أهله، ثم أصبح يوم ثمانية، ثم أحرم بالحج يوم ثمانية وذهب إلى منى سقط عنه دم التمتع؛ وذلك لأنه جعل الحج في سفر والعمرة في سفر، فصل بينهما برجوعه إلى بلده، هذا إذا كان من أهل هذه البلد، أما إذا لم يكن من أهلها فإن إتيانه إليها لا يقطع تمتعه لا يسقط عنه دم التمتع، فمثلا أهل الرياض لو أن إنسانا اعتمر في أول شهر ذي الحجة، ثم بعد ما انتهى من العمرة في اليوم الأول جاء إلى جدة وأقام فيها خمسة أيام في عمل، ثم بعد ذلك رجع، أو ستة أيام رجع في اليوم الثامن محرما بالحج، ما سقط عنه الدم؛ وذلك لأنها ليست بلده ولم يرجع إلى بلدته، فالصحيح أنه لا يسقط دم التمتع؛ إلا إذا رجع إلى بلده التي هو من أهلها.
ننبه الإخوة أن الدرس الذي يكون بكرة -إن شاء الله- في هذا المسجد يكون في التوحيد في لمعة الاعتقاد، ويكون في أصول الفقه في الورقات لإمام الحرمين الجويني ويستمر إلى نحو الساعة السادسة والنصف، أو قريبا من ذلك. والله أعلم.
وصلى الله على محمد .

line-bottom